تقدَّم معنا ذكر ثلاثة آدابٍ للدعاء عظيمة، وهي أن يقدم العبدُ بين يدي دعائه توبة من ذنوبه وخطاياه، وأن يكون دعاؤه لربِّه في حال تضرُّع وخشوعٍ وخضوع، وأن يُلحَّ على الله في الدعاء ويُكثر من سؤاله دون سآمة أو ملل، وهذه جملة أخرى من آداب الدعاء التي ينبغي أن يعتني بها المسلم.
فمِن آداب الدعاء المهمة أن لا يقتصرَ المسلم على دعائه ربَّه في حال الشدَّة فقط، بل الواجب أن يدعوَ ربَّه في سرَّائه وضرَّائه، وشدَّته ورخائه، وصحته وسقمه، وفي أحواله كلِّها، وملازمةُ المسلم للدعاء حال الرخاءِ، ومواظبتُه عليه في حال السرَّاء سببٌ عظيمٌ لإجابة دعائه عند الشدائد والمصائب والكُرَب، وقد جاء في الحديث أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: " مَن سرَّه أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فلْيُكثِر الدعاءَ في الرخاء "، رواه الترمذي، والحاكم، وغيرُهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وسنده حسن1.
وقد ذمَّ الله المشركين في مواطن كثيرة من كتابه العزيز بأنَّهم لا يلجأون إلى الله ولا يُخلصون الدِّين إلاَّ في حال شدَّتهم، أمَّا في حال رخائهم ويُسرهم وسرَّائهم، فإنَّهم يشركون مع الله غيرَه، ويُقبلون