يتحقق من حاله الافتقارُ والاضطرارُ الذي هو روحُ العبادة ولُبُّها، وكان ذلك دليلاً على قلَّة معرفته بذنوبه وسوء عاقبتها وقلَّة معرفته برحمة ربِّه، وشِدَّة احتياجه إليه، وضعف يقينه بالله عزَّ وجلَّ وإجابته للدعاء.
ولهذا قال في الحديث: " وليَعزِم المسألةَ "، أي ليجْزِم في طلبته، ويحقق رغبته، ويتيقَّن الإجابة، فإنَّه إذا فعل ذلك دلَّ على علمه بعظيم ما يطلب من المغفرة والرحمة، وعلى أنَّه مفتقرٌ إلى ما يطلب مضطرٌّ إليه، وعلى أنَّه محتاجٌ إلى الله مفتقرٌ إليه، لا يستغني عن مغفرته ورحمته طرفةَ عين1.
ولهذا فإنَّ الواجبَ على المسلم إذا دعا الله أن يجتهدَ ويُلحَّ في الدعاء، ولا يَقُل: " إن شئتَ "، كالمستثنِي، بل يدعو دعاءَ البائس الفقير بإلحاحٍ وصِدق وجِدٍّ واجتهاد، مع الثقة الكاملة بالله والطمع فيما عنده، وحسن الظنِّ به سبحانه، وهو جلَّ وعلا يقول كما في الحديث القدسي: " أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني "، أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما2.
وإنَّا نسأل الله الكريم أن يرزقنا حسنَ الظنِّ به وعظيم الثقة فيما عنده، وأن يُوفِّقنا لكلِّ خير يحبه ويرضاه في الدنيا والآخرة.