لأنَّ تجنُّبَ ما يغضب الله منه لا خلاف في وجوبِه "1، وقد سبق ذِكرُ قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُم ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} 2، وهو يدلُّ على أنَّ تركَ العبدِ دعاءَ ربِّه يُعدُّ من الاستكبار، وتجنُّبُ ذلك لا شكَّ في وجوبه.
ومِمَّا ورد أيضاً في فضل الدعاء ما رواه البخاري في الأدب المفرد، وابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه موقوفاً، والطبراني في الأوسط عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً قال: " أعجزُ الناس مَن عجز عن الدعاء، وأبْخلُ الناس مَن بخل بالسلام "3، فالدعاءُ أمرُه يسيرٌ جدًّا على كلِّ أحدٍ، فهو لا يتطلَّب جهداً عند القيام به، ولا يلحق الداعي بسببه تعبٌ ولا مشقَّةٌ، ولهذا فإنَّ العجزَ عنه والتواني في أدائه هو أشدُّ العَجز، وحَرِيٌّ بِمَن عجز عنه مع يُسرِه وسهولته أن يعجز عن غيره، ولا يَعجزُ عن الدعاء إلاَّ دنيُّ الهمَّةِ ضعيفُ الإيمان.
ومِمَّا جاء في فضل الدعاء ما رواه الإمام أحمد وابن ماجه وغيرهما عن ثوبان رضي الله عنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يردُّ القدرَ إلاَّ الدعاءُ "4، فهذا فيه دليل على أنَّ الله سبحانه يدفع بالدعاء ما قد قضاه على العبد،