تقدّم الكلامُ على فضل قول: "لا حول ولا قوة إلاَّ بالله" تلك الكلمة العظيمة ذاتِ المعاني الجليلة والدلالات العميقة، وقد تنوّعت الأحاديث في الدلالة على تشريف هذه الكلمة وتعظيمِها، حيث أخبر صلوات الله وسلامه عليه أنَّها من أبواب الجنّة، وأنَّها من كنز تحت العرش، وأنَّها غِراس الجنَّة، وأنَّها من الباقيات الصالحات التي ينبغي للعبد أن يستكثر منها، ومرَّ معنا أيضاً أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإكثار من قول: لا حول ولا قوة إلاَّ بالله، وكلُّ هذا يدلُّ بجلاء على عِظم فضل هذه الكلمة ورِفعة شأنها، وأنَّها كلمةٌ عظيمةٌ جليلةٌ ينبغي على المسلمين أن يعنوا بها وأن يكثروا من قولها، وأن يعمروا أوقاتهم بكثرة تردادها لعِظم فضلها عند الله، ولكثرة ثوابها عنده، ولما يترتَّب عليها من خيرات متنوّعة، وأفضال متعدّدة في الدنيا والآخرة.
ومن الأمور اللازمة في هذا الباب والمتأكّدة على كلِّ مسلم أن يفهم مدلولَ هذه الكلمة ومعناها؛ ليكون ذكره لله بها عن علم وفهم وإدراكٍ لمدلول ما يذكر اللهَ به، أمَّا أن يردِّد المسلم كلاماً لا يفهم معناه، أو ألفاظاً لا يدرك مدلولها، فهذا عديمُ التأثير ضعيفُ الفائدة، ولهذا فإنَّه لا بدَّ على المسلم في هذا الذِّكر، بل وفي كلِّ ما يذكر الله به أن يكون عالماً بمعنى ما يقول، مدركاً لمدلوله؛ إذ بذلك يؤتي الذِّكرُ ثمارَه، وتتحقّقُ فائدتُه، وينتفع به الذاكر، وقد تقدّم معنا قولُ النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة رضي الله عنه: "ألا أدلُّك على كلمة من تحت العرش من