وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلاَّ الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق "1. فجعل صلوات الله وسلامه عليه التهليل أعلا وأرفع شعب الإيمان، وفي المسند عن أبي ذر رضي الله عنه قال: "قلت: يا رسول الله أفمن الحسنات لا إله إلاَّ الله؟ قال: هي أفضل الحسنات"2، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جداًّ، وقد تقدّم معنا جملة كبيرة منها.
ولا يعارض هذا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "أفضل الكلام ما اصطفى الله لملائكته سبحان الله وبحمده"3؛ إذ لا يلزم منه ـ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ـ أن يكون أفضل مطلقاً بدليل أنَّ قراءة القرآن أفضل من الذكر، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها في الركوع والسجود وقال: "إني نُهيتُ أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، أما الركوع فعظموا فيه الربّ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقَمِنٌ أن يستجاب لكم"4.
وها هنا أصل عظيم نبّه عليه شيخ الإسلام رحمه الله وهو أنَّ الشيء إذا كان أفضل من حيث الجملة لم يجب أن يكون أفضل في كل حال ولا لكل أحد، بل المفضول في موضعه الذي شرع فيه أفضل من الفاضل المطلق، كما أنَّ التسبيح في الركوع والسجود أفضل من قراءة