فهذا غاية أجل التوبة في حق عمر الدنيا، أما غايته في حق كل إنسان فَبَيَّنهُ قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ» (?)، أي: ما لم تبلغ رُوْحُهُ حُلْقُومَهُ.
وعليه فإن الواجب على المؤمن أن يميز بين ما يَعْنيْه، وما لا يَعْنيْه، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» (?).
ومن صور اشتغال المرء بما لا يعنيه أن يديمَ البحث: متى الساعة؟ مع أنه غيب استأثر الله بعلمه، وإنما اشتغالُهُ بما يعنيه في هذا الباب أن يجتهدَ في الإعداد للساعة والتهيؤ لها، وبخاصة الساعة الخاصة به (?)؛ وهي لحظة موته؛ ولذلك لما سأل رجل النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يا نبي الله متى الساعة؟ " لم يلتفت إلى سؤاله، وأرشده إلى الاشتغال بما يعنيه، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ ... " (?) الحديث.