وعليه فلا يصح الاستدلال بمثل هذا النص على إباحة سفر المرأة بدون محرم، الذي دلت الأحاديث الصحيحة على تحريمه.
والدليل على ذلك أن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم، ورضي الله عنهم أجمعين -، قد صدَّقوا بهذه الأشراط، وكانوا أول المؤمنين بها، ولم يهدروا التكاليف الشرعية كالدعوة، وطلب العلم، والجهاد انتظارًا لوقوعها؛ بل كان تصديقهم بها أكبر حافز لهم على التنافس في القربات، والاجتهاد في الطاعات؛ امتثالًا منهم لأمر نبيهم - صلى الله عليه وآله وسلم-: " بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا: طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، أَوِ الدُّخَانَ، أَوِ الدَّجَّالَ، أَوِ الدَّابَّةَ، أَوْ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ أَوْ أَمْرَ الْعَامَّةِ " (?).
ونزل بين ظهرانيهم قولُ الله -عز وجل-: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)} [القمر: 1]، وقوله سبحانه: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1)} [الأنبياء: 1]، وقوله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1]، وقوله -عز وجل-: {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ} الآية [الشورى: 17، 18].