وقال -رحمه الله تعالى- في شرح حديث: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَة كَهَاتَيْنِ"، مُبَيّنًا وجه الشبه: "هل المراد به قرب إحداهما من الأخرى، أم التفاوت الذي بينهما في الطول؟ وما المراد به؟ والأرجح المختار عندنا من هذه الأقوال أنه ليس بينه -صلى الله عليه وسلم-، وبين الساعة نبي آخر؛ فهي تليه" (?) اهـ.
قال -رحمه الله تعالى-: (والإخبار عن قربها من مبعثه -صلى الله عليه وسلم- يحتمل أنه إخبار عن قربها عند الله -تعالى- وان كانت بعيدة في المدة ردًّا لقول المشركين بأنه لا قيام لها، وإليه أشار قوله تعالى: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7)} فإنه أخرج عبد بن حميد عن الأعمش: {يَرَوْنَهُ بَعِيدًا} قال: "الساعة".
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6)} قال: تكذيبهم، {وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7)} قال: "صدقًا كائنًا"، ويحتمل أن المراد: قرب أشراطها من بعثته -صلى الله عليه وسلم-) ... إلى أن قال: (وما وقع من الأشراط وغيره من الأحاديث مما يدل على أن المراد أنه صلى الله عليه وآله وسلم بُعثَ وقد قربت أشراط الساعة، وتقدير المضاف للقرائن ثابت لغة كتابًا وسنةً لا نكير فيه ... ثم إنه يدل لتقدير المضاف أمر آخر، وهو أنه قد مضى بعد وفاته -صلى الله عليه وسلم- قريب من اثنتي عشرة مائة، ولم تقم الساعة، فلا قرب لقيامها ببعثته؛ بل بأشراطها، والله أعلم) (?) اهـ.