الفصل الثاني
مَن المُجتهد الذي يؤجر على اجتهاده وإن أخطأ؟
عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قال: «إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» (?).
ورد هذا الحديث في شأن القاضي، إلا أن المفتيَ ملحق به، بجامع أن كلًّا منهما مأمور بأن يَصْدُرَ عن حكم شرعي، ولذا يُعذر كلاهما في الخطأ.
والمفتي إن كان من أهل العلم، ممن اجتمعت فيه شرائط الفتيا، وبذل وُسْعَه للوصول إلى الحق، ثم أفتى بما غلب على ظنه. أنه الحق بمقتضى الأدلة؛ فأخطأ، فلا إثم عليه في الخطأ؛ لدخوله في القاعدة الذهبية التي دل عليها قوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الاحزاب:5] , ولدخوله في هذا الحديث الشريف المشار إليه.
وأجر اجتهاده باقٍ محفوظٌ لا يبطل بخطئه؛ لأن الشرع يأمره بأن يفتيَ لوجوب الإفتاء، وقد فعل ما أُمِرَ به، فاستحق بذلك الأجر "على العمل