ووضع الحديث على غير موضعه. وقد قال رحمه اللَّه (?) في «زاد المعاد»: وأما العشاء الآخرة فقرأ فيها بـ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} ووقَّتَ لمعاذ فيها بـ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} و {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} ونحوها، وأنكر عليه قراءتها بـ (البقرة) بعد ما صلى معه، ثم ذهب إلى بني عمرو بن عوف، فأعادها لهم [أي: العشاء] بعد ما ماضى من الليل ما شاء، وقرأ بهم بـ (البقرة)، ولهذا قال له: «أفتان أنت يا معاذ»، فتعلق النقارون بهذه الكلمة ولم يلتفتوا إلى ما قبلها ولا إلى ما بعدها. وعاد رحمه اللَّه مرة أخرى إلى التخفيف والتطويل فقال: بل المرجع في ذلك والتحاكم إلى ما كان يفعله من شرع الصلاة للأمة وجاءهم بها من عند اللَّه، وعلمهم حقوقها وحدودها وهيئاتها وأركانها، وكان يصلي وراءه الضعيف والصغير والكبير وذو الحاجة، ولم يكن بالمدينة إمام غيره صلوات اللَّه وسلامه عليه. فالذي كان يفعله صلوات اللَّه وسلامه عليه، {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود:88]. وقد سئل بعض أصحاب رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: ما لك في ذلك من خير. فأعادها عليه، فقال: كانت صلاة الظهر تقام، فينطلق أحدنا إلى البقيع (?) فيقضي حاجته، ثم يأتي أهله فيتوضأ، ثم يرجع إلى المسجد، ورسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الركعة الأولى مما يطولها، رواه مسلم في «الصحيح».

وقال عبد اللَّه بن عمر: إن كان رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليأمرنا بالتخفيف، وإن كان ليؤمنا بـ (الصفات). رواه الإمام أحمد والنسائي [ومن المعلوم أن سورة الصافات 182 آية].

وقال رحمه اللَّه: وأما قراءته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الفجر بالمعوذتين، فهذا إنما كان في السفر كما هو مصرح به في الحديث والمسافر قد أبيح له أو أوجب عليه قصر الصلاة لمشقة السفر، فأبيح له تخفيف أركانها، فهلا عملتم بقراءته في الحضر بمائة آية في الفجر؟

وأما قراءته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسورة التكوير في الفجر، فإنه كان في السفر.

وأما حديث تسبيحه في الركوع والسجود ثلاثًا فلا يثبت، والأحاديث الصحيحة بخلافه. وقال رحمه اللَّه: فإن جاءهم حديث صحيح خالف ما ألفوه واعتادوه قالوا: هذا منسوخ أو خلاف الإجماع، ولو كانت أحاديث التطويل منسوخة، لكان أصحاب رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أعلم بذلك، ولما احتجوا بها على من لم يعمل بها، ولا عمل بها أعلم الأمة بها وهم الخلفاء الراشدون. فهذا صديق الأمة وشيخ الإسلام صلى الصبح فقرأ بالبقرة من أولها إلى آخرها، وخلفه الكبير والصغير وذو الحاجة، فقالوا: يا خليفة رسول اللَّه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015