وجاء فيه أيضًا عن أبي قتادة رضي اللَّه عنه أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى أن يتنفس في الإناء (?). وجاء فيه أيضًا عن أنس رضي اللَّه عنه قال: كان رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتنفس في الشراب ثلاثًا ويقول: «إنه أروى وأبرأ وأمرأ». قال أنس: فأنا أتنفس في الشراب ثلاثًا. انتهى. ومعنى هدي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذلك أنه كان يبعد الإناء عن فيه أثناء الشرب مرتين ويضعه في الثالثة.
وجاء في «تحفة الأحوذي» للمباركفوري رحمه اللَّه تعالى (جـ5 ص: 539): («كان يتنفس في الإناء ثلاثًا» ووقع في رواية مسلم: «يتنفس في الشراب ثلاثًا» ووقع في رواية أخرى له مثل رواية الترمذي.
قال النووي: معناه في أثناء شربه من الإناء أو في أثناء شربه الشراب «ويقول» إن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «هو» أي تعدد التنفس أو التثليث «أمرأ» من مرأ الطعام إذا وافق المعدة أي أكثر انصياعًا وأقوى هضمًا، «وأروى» من الري بكسر الراء غير مهموز أي أكثر ريًا وأدفع للعطش، ووقع في رواية مسلم: «أنه أروى وأبرأ وأمرأ» بزيادة قال النووي: معنى أبرأ أي أبرأ من ألم العطش، وقيل أبرأ أي أسلم من مرض أوأذى يحصل بسبب الشرب في نفس واحد انتهى. وقال الحافظ في «الفتح»: أبرأ بالهمزة من البراءة أو من البرء أي يبرئ من الأذى والعطش، ووقع في رواية أبي داود «أهنأ» بدل قوله: «أروى» من الهنأ. قال: والمعنى أنه يصير هنيًا مريًا أي سالمًا أو مبريًا من مرض أو عطش، ويؤخذ من ذلك أنه أقمع للعطش وأقوى على الهضم وأقل أثرًا في ضعف الأعضاء وبرد المعدة، واستعمال أفعل التفضيل في هذا يدل على أن للمرتين في ذلك مدخلاً في الفضل المذكور، ويؤخذ منه أن النهي عن الشرب في نفس واحد للتنزيه. انتهى كلام الحافظ.
قوله: «هذا حديث حسن» وأخرجه مسلم وأصحاب السنن قاله الحافظ). اهـ.
السادسة بعد المائة: قال رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا آكل متكئًا» رواه البخاري. قال النووي في «رياض الصالحين»: (قال الخطابي: المتكئ هنا هو: الجالس معتمدًا على وطاء تحته، قال: وأراد أنه لا يعتمد على الوطاء والوسائد كفعل من يريد الإكثار من الطعام، بل يقعد مستوفزًا لا مستوطئًا ويأكل بلغة (?). هذا كلام الخطابي.