للجنون، وتارة لسوء التصرف لنقص العقل أو الدين، وتارة للفلس وهو ما إذا أحاطت الديون برجل وضاق ماله عن وفائها، فإذا سأل الغرماء الحاكم الحجر عليه؛ حجر عليه. وقال ابن عباس في قوله: {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ} قال: هم بنوك والنساء، وقال الضحاك: هم النساء والصبيان. وقال سعيد بن جبير: هم اليتامى. وقال مجاهد وعكرمة: هم النساء ... وقوله: {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا} قال ابن عباس: لا تعمد إلى مالك وما خولك اللَّه وجعله لك معيشة، فتعطيه امرأتك أو بنتك، ثم تنظر إلى ما في أيديهم، ولكن أمسك مالك وأصلحه، وكن أنت الذي تنفق عليهم من كسوتهم ومؤنتهم ورزقهم. وقال ابن جرير عن أبي موسى قال: ثلاثة يدعون اللَّه فلا يستجيب لهم: رجل له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل أعطى ماله سفيهًا؛ وقد قال اللَّه: {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ}، ورجل كان له على رجل دين فلم يشهد عليه. وقال مجاهد: {وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا} يعني: في البر والصلة، وهذه الآية الكريمة تضمنت الإحسان إلى العائلة في الكساوي والأرزاق، بالكلام الطيب وتحسين الأخلاق (?). انتهى.
بل صح الحديث السابق مرفوعًا، قال رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ثلاثة يدعون اللَّه فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه، ورجل آتى سفيهًا ماله؛ وقال اللَّه تعالى: {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ}».
صحيح رواه الحاكم عن أبي موسى، «الصحيحة» (1805)، الطحاوي، ابن شاذان، أبو نعيم، الديلمي - كذا في «صحيح الجامع».
قال المناوي رحمه اللَّه في «فيض القدير»:
(«ثلاثة يدعون اللَّه عز وجل فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق» بالضم «فلم يطلقها» فإذا دعا عليها لا يستجاب له؛ لأنه المعذب نفسه بمعاشرتها، وهو في سعة من فراقها، «ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه» فأنكره، فإذا دعا لا يستجاب له لأنه المفرط المقصر بعدم امتثال قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ} «ورجل آتى سفيهًا» أي: محجورًا عليه بسفه «ماله» أي: شيئًا من ماله مع علمه بالحجر عليه، فإذا دعا عليه لا يستجاب له، لأنه المضيع لماله فلا عذر له. «وقد قال اللَّه تعالى: {وَلاَ تُؤْتُواْ