النظر المحرم الذي نهى اللَّه تعالى عنه، بأن يتبع النظرة النظرة، ولا تستطيع أن تزيل هذا المنكر إلا بحجب وجهها عنه. وعلى هذه الحالة يحمل ما نقله الخطيب الشربيني عن إمام الحرمين من اتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجه (?).

وقد صرح بهذا القيد القرطبي، فيما نقله عن ابن خويز منداد من أئمة المالكية: أن المرأة إذا كانت جميلة، وخيف من وجهها وكفيها الفتنة، فعليها ستر ذلك (?).

وقال صاحب «الدر المختار» من الحنفية: وتمنع المرأة الشابة من كشف الوجه بين الرجال، لا لأنه عورة، بل لخوف الفتنة، ولا يجوز النظر إليه بشهوة (?).

وهكذا، فقد ثبت الإجماع عند جميع الأئمة (سواء من يرى منهم أن وجه المرأة عورة كالحنابلة والشافعية، ومن يرى منهم أنه ليس بعورة كالحنفية والمالكية) (?):

أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عند خوف الفتنة بأن كان من حولها من ينظر إليها بشهوة، ومن ذا الذي يستطيع أن يزعم أن الفتنة مأمونة اليوم! وأنه لا يوجد في الشوارع من ينظر إلى وجوه النساء بشهوة؟!

واتفقوا على جواز كشف المرأة وجهها، ترخصًا لضرورة (?) تعلم أو تطبب أو عند أداء شهادة أو تعامل من شأنه أن يستوجب الشهادة.

فهذه النقاط الثلاث محل إجماع لدى الأئمة وعامة الفقهاء.

ثم إنهم اختلفوا فيما وراء هذه الأحوال، وهو أن تكون المرأة بادية الوجه في مجتمع عام وليس ثمة من يتعمد النظر إليها بريبة - وهذا فرض وهمي اليوم - فقد ذهب البعض كما رأينا إلى أنه لا حرج عليها في ذلك، وذهب آخرون إلى أنه يجب عليها أن تستر وجهها مطلقًا.

هذا هو حكم الإسلام في لباس المرأة. اتفقت عليه كلمة علماء المسلمين كلهم، معتمدين في ذلك على نصوص واضحة صريحة في كتاب اللَّه تعالى، وأحاديث ثابتة من سنة رسول اللَّه عليه الصلاة والسلام، فإذا عثرنا بعد ذلك على وقائع وتصرفات فردية لبعض نساء الصحابة أو التابعين أو غيرهم، تخالف هذا الذي أجمع عليه الأئمة، مما دل عليه صريح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015