أم سلمة أنها كانت عند رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وميمونة، قالت: فبينما نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه وذلك بعدما أمرنا بالحجاب، فقال رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «احتجبا منه» فقلت: يا رسول اللَّه، أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أوعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه» (?). وذهب آخرون من العلماء إلى جواز نظرهن إلى الأجانب بغير شهوة، كما ثبت في «الصحيح» أن رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جعل ينظر إلى الحبشة وهم يلعبون بحرابهم يوم العيد في المسجد، وعائشة أم المؤمنين تنظر إليهم من ورائه وهو يسترها منهم حتى ملت ورجعت، وقوله: {وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} قال سعيد بن جبير: عن الفواحش، وقال قتادة: عما لا يحل لهن. وقال مقاتل: عن الزنا، وقال أبو العالية: كل آية نزلت في القرآن يذكر فيها حفظ الفروج فهو من الزنا، إلا هذه الآية {وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} ألا يراها أحد، وقوله تعالى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} أي: لا يظهرن شيئًا من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاؤه، قال ابن مسعود: كالرداء والثياب، يعني على ما كان يتعاطاه نساء العرب من المقنعة التي تجلل ثيابها وما يبدو من أسافل الثياب، فلا حرج عليها فيه، لأن هذا لا يمكنها إخفاؤه، وقال ابن عباس: وجهها وكفيها والخاتم، وهذا يحتمل أن يكون تفسيرًا للزينة التي نهين عن إبادائها، كما قال عبد اللَّه بن مسعود: الزينة زينتان، فزينة لا يراها إلا الزوج: الخاتم والسوار، وزينة يراها الأجانب، وهي الظاهر من الثياب.
وقال مالك: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (?): الخاتم والخلخال، ويحتمل أن ابن عباس ومن تابعه أرادوا تفسير ما ظهر منها بالوجه والكفين، وهذا هو المشهور، ويستأنس له بالحديث الذي رواه أبو داود عن عائشة رضي اللَّه عنها أن (أسماء بنت أبي بكر) دخلت على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها وقال: «يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا، وأشار إلى وجهه وكفيه» (?).