وأيضًا فمن علامات النفاق: قلة ذكر اللَّه، والكسل عند القيام إلى الصلاة، ونقر الصلاة، وقل أن تجد مفتونًا بالغناء إلا وهذا وصفه.
وأيضًا فإن النفاق مؤسس على الكذب، والغناء من أكذب الشعر، فإنه يحسن القبيح ويزينه، ويأمر به، ويقبح الحسن ويزهد فيه، وذلك عين النفاق.
* * *
فصل
الثامن: وأما تسميته قرآن الشيطان. فمأثور عن التابعين - وقد روي في حديث مرفوع - قال قتادة: «لما أهبط إبليسُ قال: يا رب، لعنتني فما عملي؟ قال: السحر، قال: فما قرآني؟ قال: الشعر، قال: فما كتابي؟ قال: الوشم (?)، قال: فما طعامي؟ قال: كل ميتة، وما لم يذكر اسم اللَّه عليه، قال، فما شرابي؟ قال: كل مسكر، قال: فأين مسكني؟ قال: الأسواق، قال: فما صوتي؟ قال: المزامير، قال: فما مصايدي؟ قال: النساء».
هذا، والمعروف في هذه وقفه.
والمقصود: أن الغناء المحرم قرآن الشيطان.
ولما أراد عدو اللَّه أن يجمع عليه نفوس المبطلين قرنه بما يزينه من الألحان المطربة، وآلات الملاهي والمعازف، وأن يكون من امرأة جميلة أو صبي جميل؛ ليكون ذلك أدعى إلى قبول النفوس لقرآنه، وتعوضها به عن القرآن المجيد.
* * *
فصل
التاسع والعاشر: وأما تسميته بالصوت الأحمق والصوت الفاجر. فهي تسمية الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى.
فروى الترمذي من حديث ابن أبي ليلى عن عطاء عن جابر رضي اللَّه عنه قال: خرج رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع عبد الرحمن بن عوف إلى النخل، فإذا ابنه إبراهيم يجود بنفسه - أي يحتضر - فوضعه في حجره، ففاضت عيناه، فقال عبد الرحمن: أتبكي، وأنت تنهى الناس؟ قال: إني لم أنه عن البكاء، وإنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوتٌ عند نغمة: لهو ولعب ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة: خمش وجوه - أي: لطم الوجوه