الصلاة إذا نابهم أمر، بل أمروا بالعدول عنه إلى التسبيح؛ لئلا يتشبهوا بالنساء، فكيف إذا فعلوه لا لحاجة، وقرنوا به أنواعًا من المعاصي قولاً وفعلاً؟
* * *
فصل
السادس: وأما تسميته رقية الزنى. فهو موافق لمسماه، ولفظ مطابق لمعناه، فليس في رقية الزنى أنجع منه، وهذه التسمية معروفة عن الفضيل بن عياض.
قال ابن أبي الدنيا: أخبرني محمد بن الفضل الأزدي قال: نزل الحُطيئة برجل من العرب، ومعه ابنته مُليكة، فلما جنه الليل سمع غناء، فقال لصاحب المنزل: كف هذا عني، فقال: وما تكره من ذلك؟ فقال: إن الغناء رائد من رادة الفجور ولا أحب أن تسمعه هذه - يعني ابنته - فإن كففته وإلا خرجت عنك.
ولا ريب أن كل غيور يجنب أهله سماع الغناء، كما يجنبهن أسباب الريب ومن طرق أهله إلى سماع رقية الزنى فهو أعلم بالإثم الذي يستحقه.
ومن الأمر المعلوم عند القوم: أن المرأة إذا استصعبت على الرجل، اجتهد أن يسمعها صوت الغناء، فحينئذ تعطي الليان.
وهذا لأن المرأة سريعة الانفعال للأصوات جدًّا، فإذا كان الصوت بالغناء، صار انفعالها من وجهين: من جهة الصوت، ومن جهة معناه، ولهذا قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأنجشة حاديه (?): «يا أنجشة، رويدك، رفقًا بالقوارير» (?) يعني: النساء.
فأما إذا اجتمع إلى هذه الرقية، والشبابة والرقص بالتخنث والتكسر، فلو حبلت المرأة من غناء لحبلت من هذا الغناء.
* * *
فصل
السابع: وأما تسميته منبت النفاق. فعن ابن مسعود رضي اللَّه عنه قال: الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع.
خواص الغناء: اعلم أن للغناء خواصًا لها تأثير في صبغ القلب بالنفاق، ونباته فيه كنبات الزرع بالماء.
فمن خواصه: أنه يلهي القلب ويصده عن فهم القرآن وتدبره، والعمل بما فيه، فإن القرآن والغناء لا يجتمعان في القلب أبدًا، لما بينهما من التضاد، فإن القرآن ينهى عن