السماع فسق، والتلذذ به كفر، هذا لفظهم ورووا حديثًا لا يصح رفعه.
قالوا: ويجب عليه أن يجتهد في ألا يسمعه إذا مر به، أو كان في جواره.
وقال أبو يوسف: في دار يسمع منها صوت المعازف والملاهي: أدخل عليهم بغير إذنهم، لأن النهي عن المنكر فرض، فلو لم يجز الدخول بغير إذن لامتنع الناس من إقامة الفرض.
قالوا: ويتقدم إليه الإمام إذا سمع ذلك من داره، فإن أصرَّ حبسه أو ضربه سياطًا، وإن شاء أزعجه عن داره (?).
3 - وأما الشافعي: فقال في كتاب «أدب القضاء»: إن الغناء لهو مكروه، يشبه الباطل والمحال، ومن استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته.
وصرح أصحابه العارفون بمذهبه بتحريمه، وأنكروا على من نسب إليه حله، كالقاضي أبي الطيب الطبري، والشيخ أبي إسحاق والصباغ.
قال الشيخ أبو إسحاق في «التنبيه»: ولا تصح - يعني الإجارة (?) - على منفعة محرمة، كالغناء والزَّمر، وحمل الخمر، ولم يذكر فيه خلافًا.
وقال في «المهذب»: ولا يجوز على المنافع المحرمة، لأنه محرم، فلا يجوز أخذ العوض عنه كالميتة والدم.
فقد تضمن كلام الشيخ أمورًا:
أحدها: أن منفعة الغناء بمجرده محرمة.
الثاني: أن الاستئجار عليها باطل.
الثالث: أن أكل المال به أكل مال بالباطل، بمنزلة أكله عوضًا عن الميتة والدم.
الرابع: ألا يجوز للرجل بذل ماله للمغني، ويحرم عليه ذلك، فإنه بذل مال في مقابلة محرم، وإن بذله في ذلك كبذله في مقابلة الدم والميتة.
الخامس: أن الزَّمر حرام، وإذا كان الزمر - الذي هو أخف آلات اللهو - حرامًا فكيف بما هو أشد منه؟ كالعود، والطنبور، واليراع. ولا ينبغي لمن شم رائحة العلم أن يتوقف في تحريم ذلك، فأقل ما فيه: أنه شعار الفساق وشاربي الخمور.
وكذلك قال أبو زكريا النووي في روضته:
القسم الثاني: أن يغني ببعض آلات الغناء، بما هو من شعار شاربي الخمر، وهو