إما أن تعجل له الإجابة، وإما أن تدفع عنه من السوء مثلها، وإما أن يدخر له في الآخرة خير مما سأل. فأشار الداودي إلى ذلك، وإلى ذلك أشار ابن الجوزي بقوله: اعلم أن دعاء المؤمن لا يرد، غير أنه قد يكون الأولى له تأخير الإجابة أو يعوض بما هو أولى له عاجلاً أو آجلاً فينبغي للمؤمن أن لا يترك الطلب من ربه فإنه متعبد بالدعاء كما هو متعبد بالتسليم والتفويض ....
وقال الكرماني ما ملخصه: الذي يتصور في الإجابة وعدمها أربع صور: الأولى: عدم العجلة وعدم القول المذكور، الثانية: وجودهما، الثالثة والرابعة: عدم أحدهما ووجود الآخر، فدل الخبر على أن الإجابة تختص بالصورة الأولى دون ثلاث، قال: ودل الحديث على أن مطلق قوله تعالى: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} مقيد بما دل عليه الحديث. قلت: وقد أول الحديث المشار إليه قبل على أن المراد بالإجابة ما هو أعم من تحصيل المطلوب بعينه أو ما يقوم مقامه ويزيد عليه، واللَّه أعلم). اهـ بتصرف.
من هدي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الدعاء:
(تابع الأحاديث المنتخبة المشار إليها):
13 - عن أبي أيوب رضي اللَّه عنه قال: (كان رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا دعا بدأ بنفسه) (صحيح) رواه الطبراني [وأولى من الطبراني رواه أبو داود كما أشار المناوي (?)].
جاء في «فيض القدير» للمناوي رحمه اللَّه:
(«كان إذا دعا بدأ بنفسه». زاد أبو داود في روايته: وقال: رحمة اللَّه علينا وعلى موسى. اهـ. ومن ثم ندبوا للداعي أن يبدأ بالدعاء لنفسه قبل دعائه لغيره فإنه أقرب إلى الإجابة إذ هو أخلص في الاضطرار وأدخل في العبودية وأبلغ في الافتقار وأبعد عن الزهو والإعجاب وذلك سنة الأنبياء والرسل قال نوح: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [نوح: 28]، وقال الخليل: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35]. وقال: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي} [إبراهيم: 40]، {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90].
تنبيه: قال ابن حجر ابتداؤه بنفسه في الدعاء غير مطرد فقد دعا لبعض الأنبياء فلم