قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ فِيمَا ذَكَرْتُهُ وَاخْتَصَرْتُهُ بَلاغٌ لِمَنْ مَنَعَ نَفْسَهُ لَذَّةَ النَّوْمِ فَآثَرَ الْقِيَامَ وَرَاوَحَ بَيْنَ الأَقْدَامِ وَتَنَعَّمَ بِتِلاوَةِ الْقُرْآنِ يَرْجُو بِذَلِكَ رِضَى الرَّحْمَنِ عَزَّ -[116]- وَجَلَّ
فَلَوْ شَهِدْتَهُ يَا أَخِي فِي اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ فَقَلْبُهُ لِمَا يَتْلُو مِنَ الْقُرْآنِ مُتَدَبِّرٌ وَبِأَمْثَالِهِ مُعْتَبِرٌ وَفِيمَا حَكَى مُتَفَكِّرٌ وَبِالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ لِنَفْسِهِ مُذَكِّرٌ، فَالْقَلْبُ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ خَائِفٌ مُقْلَقٌ وَلِمَا عَمِلَ مِنَ الْحَسَنَاتِ مُشْفِقٌ، فَالاسْتِغْفَارُ شِعَارُهُ وَهُجُومُ الظَّلامِ سُرُورُهُ وَحُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ الْكَرِيمِ آمَالُهُ وَاللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بَلَغَنِي عَنْ شَيْخٍ مِنَ الْمُتَعَبِّدِينَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ وِرْدٌ مِنَ اللَّيْلِ يَقُومُهُ فَفَتَرَ عَنْ وِرْدِهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ قَالَ فَإِذَا أَنَا بِجَارِيَةٍ قَدْ وَقَفَتْ عَلَى رَأْسِي كَأَنَّ وَجْهَهَا قَمَرٌ وبيدها رق وفيه مكتوب فقال أَيُّهَا الشَّيْخُ أَتَقْرَأُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَتِ اقْرَأْ مَا فِي هَذَا فَأَخَذْتُهُ فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ:
أَلْهَتْكَ لَذَّةُ نَوْمَةٍ عَنْ خَيْرِ عَيْشٍ ... مَعَ الْخَيِّرَاتِ فِي غُرَفِ الْجِنَانِ
تَعِيشُ مُخَلَّدًا لا مَوْتَ فِيهَا ... وَتَنْعُمُ فِي الْجِنَانِ مَعَ الْحِسَانِ
تَيَقَّظْ مِنْ مَنَامِكَ إنَّ خَيْرًا ... مِنَ النَّوْمِ التَّهَجُّدُ بِالْقُرْانِ
-[117]-
قَالَ فَمَا ذَكَرْتُهَا سَاعَةً إِلا ذَهَب عَنِّي النَّوْمُ.