وقد رأيتُ كتابةَ هذه الرسالةِ في فضل هذه المدينة المباركة وبيان آداب سُكناها وزيارتها، فأذكرُ فيها جملةً من فضائلِها، ثمَّ جملةً مِن آدابِ سُكناها، ثمَّ جملةً من آداب زيارتِها:
فمِن فضائلِ هذه المدينةِ المباركة: أنَّ الله تعالى جعلَها حَرَماً آمناً كما جعل مكَّةَ حَرماً آمناً، وقد جاء عن النَّبِيِّ الكريمِ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: " إنَّ إبراهيمَ حرَّمَ مكَّةَ، وإنِّي حرَّمتُ المدينةَ"، رواه مسلم، والمقصودُ من هذا التحريمِ المضافِ إلى محمدٍ صلى الله عليه وسلم وإلى إبراهيمَ صلى الله عليه وسلم هو إظهارُ التحريم، وإلاَّ فإنَّ التَّحريمَ مِن الله عزَّ وجلَّ، وهو الذي جعل هذا حَرَماً، وجعلَ هذا حَرَماً.
واختصَّ الله عزَّ وجلَّ هاتيْن البلدَتَيْن بهذه الصِّفَةِ التي هي الحرمة دون سائر البلاد، ولَم يأتِ دليلٌ ثابتٌ يدلُّ على تحريمِ شيءٍ غير مكَّة والمدينة، وما شاعَ على أَلسِنَة كثيرٍ من النَّاسِ من أنَّ المسجدَ