الناس فيه وقالوا: إنما استخلفه لأنه يبغضه (?) ، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج من المدينة استخلف عليها رجلاً من أمته، وكان يكون بها رجال من المؤمنين يستخلفه عليهم، فلما كان عام تبوك لم يأذن لأحد من المؤمنين القادرين في التخلف، فلم يتخلف أحد بلا عذرٍ إلا عاص لله ورسوله، فكان ذلك استخلافا ضعيفا، فطعن فيه المنافقون بهذا السبب، فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أني لم استخلفك لنقص قدرك عندي فإن موسى استخلف
هارون وهو شريكه في الرسالة، أفما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى فتخلفني في أهلي كما خلف هارون أخاه موسى.
ومعلوم أنه استخلف غيره (?) قبله، وكان أولئك منه بهذه (?) المنزلة، فلم يكن هذا من خصائصه. ولو كان هذا الاستخلاف أفضل من غيره لم يخف ذلك على علي - رضي الله عنه - ولم يخرج إليه وهو يبكي (?) ويقول: ((أتخلفني في النساء والصبيان)) . ومما بين ذلك أنه بعد هذا الاستخلاف أمّر عليه أبا بكر عام تسع، فإن هذا الاستخلاف كان في غزوة تبوك في أوائلها، فلما رجع من الغزو وأمّر [3/ب] أبا بكر (?) على الحج ثم أردفه بعلي فلما لحقه قال: ((أميرٌ أو مأمور)) قال: ((بل مأمور)) (?) ، فكان أبو بكر يصلي بعلي وغيره، ويأمر عَلَى علي وغيره من الصحابة يُطيعون أبا بكر، وعلي يتعاطى نبذ العهود التي كانت بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين المشركين، لأن العادة كانت جارية أنه لا يعقد العقود ولا يحلها إلا رجل من أهل بيته، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يبلغ عني العهد إلا رجل من أهل بيتي)) (?) للعادة الجارية.
ولم يكن هذا من خصائص علي - رضي الله عنه - بل أي رجل من عترته نبذ العهد حصل به المقصود، لكن علي أفضل بني هاشم بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -