وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أنت مني وأنا منك)) (?) فهذه العبارة قد قالها لغيره من المؤمنين، كما قالها -[عليه الصلاة و] (?) السلام - لجليبيب (?) الذي قتل عدة من الكفار: ((هذا مني وأنا منه)) (?) .
وفي الصحيحين: ((إن الأشعريين (?) إذا كانوا في السفر ونقصت نفقة [2/أ] عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان معهم في ثوب واحد ثم قسموه بينهم بالسويّة؛ هم مني وأنا منهم)) (?) ، فقد جعل الأشعريين أبا موسى (?) وأبا عامر (?) وغيرهما منه وهو منهم، كما قال لعلي: ((أنت مني وأنا منك)) (?) .
وقال تعالى: {والذين ءامنوا من بعدُ وهاجروا وجهدوا معكم فأولئك منكم} [الأنفال 75] وقال تعالى: {ألم تَرَ إلى الذين تولَّوا قوماً غضب اللهُ عليهم ما هم منكم ولا منهم} [المجادلة 14] وقال تعالى: {ويحلِفون بالله إنَّهم لمنكم وما هم منكم} [التوبة 56] .
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((من غشنا فليس منا، ومن حمل علينا السلاح فليس منا)) (?) ونحو ذلك، وهذا يقتضي أن السليم من هذه الكبائر يكون منا، وهذه العبارة تستعمل في النوع الواحد فيقال: هذا من هذا، إذا كان من نوعه، فكل من كان من المؤمنين الكاملين الإيمان فهو من النبي - صلى الله عليه وسلم - والنبي منه.
وقوله - صلى الله عليه وسلم - في قصة بنت حمزة: ((أنت مني وأنا منك)) (?) . وكقوله لزيد ابن حارثة (?) : ((أنت أخونا ومولانا)) (?) ، ومعلوم أن هذا ليس مختصا بزيد بل كل من كان من مواليه يطلق عليه هذا الكلام لقوله تعالى: {فإن لم تَعلموا ءاباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم} [الأحزاب 5] فكذلك قوله لعلي: ((أنت مني وأنا منك)) (?) وليس ذلك من خصائصه، بل من كان موافقاً للنبي - صلى الله عليه وسلم - في كمال الإيمان كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - والنبي منه.