هُوَ هَذَا الْمشَار اليه الْمَعْصُوم اَوْ دَاعِيَة اَوْ عَالم آخر من عُلَمَاء الزَّمَان فان كل وَاحِد لَيْسَ يَدعُوهُ الى تَقْلِيده وانما يَقُودهُ الى مُقْتَضى الدَّلِيل وَلَا يدْرك مُقْتَضى الدَّلِيل الا بِالتَّأَمُّلِ فاذا تَأمل وادرك لم يكن مُقَلدًا لمعلمه بل كَانَ كمتعلم للأدلة الحسابية وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين أفسق الْخلق وَبَين اورعهم كمعلم الْحساب فَلَا يحْتَاج فِيهِ الى الْوَرع فضلا عَن الْعِصْمَة لانه لَيْسَ مُقَلدًا وانما الدَّلِيل هُوَ المتبع فَإِذا لَا يعدو الْخلق هذَيْن الْقسمَيْنِ فالاول مستغن عَن الْمَعْصُوم وَالثَّانِي لَا يُغني عَنهُ الْمَعْصُوم شَيْئا فقد بطلت مقدمتان إِحْدَاهمَا أَن كل حق فَلَا بُد من مَعْرفَته والاخرى انه لَا يعرف الْحق الا من مَعْصُوم
فَإِن قيل لَا تَكْفِي معرفَة الله وَرَسُوله بل لَا بُد من معرفَة صِفَات الله وَمَعْرِفَة الاحكام الشَّرْعِيَّة قُلْنَا أما صِفَات الله تَعَالَى فقسمان قسم لَا يُمكن معرفَة صدق الرَّسُول وبعثته الا بعد مَعْرفَته كَكَوْنِهِ عَالما وقادرا على الارسال فَهَذَا يعرف عندنَا بالأدلة الْعَقْلِيَّة كَمَا ذَكرْنَاهُ والمعصوم لَا يُغني لَان المعتقد لَهُ تقليدا اَوْ سَمَاعا من ابويه مستغن عَن الْمعلم كَمَا سبق والمتردد فِيهِ مَاذَا يُغني عَنهُ الْمَعْصُوم أفيقول لَهُ قلدني فِي انه تَعَالَى قَادر عَالم فَيَقُول لَهُ كَيفَ أقلدك وَلم تسمح نَفسِي بتليقد مُحَمَّد بن عبد الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ صَاحب المعجزة وَإِن ذكر لَهُ وَجه الدَّلِيل اعاد القَوْل فِيهِ الى مَا مضى فِي اصل وجود الصَّانِع وَصدق الرَّسُول من غير فرق واما الاحكام الشَّرْعِيَّة فَلَا بُد لكل وَاحِد من معرفَة مَا يحْتَاج اليه فِي واجباته وَهِي قِسْمَانِ
الْقسم الأول مَا يُمكن مَعْرفَته قطعا وَهُوَ الَّذِي اشْتَمَل عَلَيْهِ نَص الْقُرْآن وتواتر عَنهُ الْخَبَر