نسلم لكم ثُبُوت الْإِمَامَة ونبطل مَذْهَب الْقَائِلين بِأَن هَذَا الْعَصْر والأعصار الخالية القربية كَانَت خَالِيَة عَن الإِمَام لفقد شُرُوط الْإِمَامَة فِي المترشحين لَهَا
الْجَواب إِن الَّذِي عده عُلَمَاء الْإِسْلَام من صِفَات الْأَئِمَّة وشروط الْإِمَامَة تحصرها عشر صِفَات سِتّ مِنْهَا خلقية لَا تكتسب واربع مِنْهَا تكتسب أَو يُفِيد الِاكْتِسَاب فِيهَا مزيدا فَأَما السِّت الخلقية فَلَا شكّ فِي حُضُورهَا وَلَا تتَصَوَّر المجاحدة فِي وجودهَا الأولى الْبلُوغ فَلَا تَنْعَقِد الْإِمَامَة لصبي لم يبلغ الثَّانِيَة الْعقل فَلَا تَنْعَقِد لمَجْنُون فَإِن التَّكْلِيف ملاك الْأَمر وعصامه وَلَا تَكْلِيف على صبي وَمَجْنُون الثَّالِثَة الْحُرِّيَّة فَلَا تَنْعَقِد الْإِمَامَة لرقيق فَإِن منصب الْإِمَامَة يَسْتَدْعِي استغراق الْأَوْقَات فِي مهمات الْخلق فَكيف ينتدب لَهَا من هُوَ كالمفقود فِي حق نَفسه الْمَوْجُود لمَالِك يتَصَرَّف تَحت تَدْبيره وتسخيره كَيفَ وَفِي اشْتِرَاط نسب قُرَيْش مَا يتَضَمَّن هَذَا الشَّرْط إِذْ لَيْسَ يتَصَوَّر الرّقّ فِي نسب قُرَيْش بِحَال من الاحوال الرَّابِعَة الذكورية فَلَا تَنْعَقِد الْإِمَامَة لامْرَأَة وان اتصفت بِجَمِيعِ خلال الْكَمَال وصفات الِاسْتِقْلَال وَكَيف تترشح امْرَأَة لمنصب الامامة وَلَيْسَ لَهَا منصب الْقَضَاء وَلَا منصب الشَّهَادَة فِي اكثر الحكومات الْخَامِسَة نسب قُرَيْش لَا بُد مِنْهُ لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَئِمَّة من قُرَيْش وَاعْتِبَار هَذَا مَأْخُوذ من التَّوْقِيف وَمن اجماع أهل الاعصار الخالية على أَن الْإِمَامَة لَيست إِلَّا فِي هَذَا النّسَب وَلذَلِك لم يتصد لطلب الامامة غير قرشي فِي عصر من الاعصار مَعَ شغف النَّاس بِالِاسْتِيلَاءِ والاستعلاء وبذلهم