فضائح الباطنيه (صفحة 156)

تستتب هَذِه الموازنة والقرأن مُصَرح بانه {لَيْسَ كمثله شَيْء} والاخبار الدَّالَّة عَلَيْهِ اكثر من أَن تحصى وَنحن نعلم انه لَو صرح مُصَرح فِيمَا بَين الصَّحَابَة بِأَن الله تَعَالَى لَا يحويه مَكَان وَلَا يحده زمَان وَلَا يماس جسما وَلَا ينْفَصل عَنهُ بمسافة مقدرَة وَغير مقدرَة وَلَا يعرض لَهُ انْتِقَال وجيئة وَذَهَاب وَحُضُور وأفول وَأَنه يَسْتَحِيل أَن يكون من الآفلين والمنتقلين والمتمكنين ألى غير ذَلِك من نفي صِفَات التَّشْبِيه لرأوا ذَلِك عين التَّوْحِيد والتنزيل ولوأنكر الْحور والقصور والأنهار وَالْأَشْجَار والزبانية وَالنَّار لعد ذَلِك من أَنْوَاع الْكَذِب وَالْإِنْكَار وَلَا مُسَاوَاة بَين الدرجتين وَقد نبهنا على الْفرق فِي بَاب الرَّد عَلَيْهِم فِي مَذْهَبهم بِوَجْهَيْنِ آخَرين أَحدهمَا أنالألفاظ الْوَارِدَة فِي الْحَشْر والنشر وَالْجنَّة وَالنَّار صَرِيحَة لَا تَأْوِيل لَهَا وَلَا معدل عَنْهَا إِلَّا بتعطيلها وتكذيبها والألفاظ الْوَارِدَة فِي مثل الاسْتوَاء وَالصُّورَة وَغَيرهمَا كتايات وتوسعات على اللِّسَان تحْتَمل التَّأْوِيل فِي وَصفه وَالْآخر ان الْبَرَاهِين العقليه يدْفع اعْتِقَاد التَّشْبِيه وَالنُّزُول والحركه والتمكن من الْمَكَان وتدل على استحالتها دلاله لَا يتمارى فِيهَا وَدَلِيل الْعقل لَا يحِيل وُقُوع مَا وعد بِهِ من الجنه وَالنَّار فِي الْآخِرَه بل القدره الأزليه محيطه بهَا مستوليه عَلَيْهَا وَهِي أُمُور ممكنه فِي نَفسهَا وَلَا تتقاصر الْقُدْرَة الأزلية عَمَّا لَهُ نعت الْإِمْكَان فِي ذَاته فَكيف يشبه هَذَا بِمَا ورد من صِفَات الله تعالي ومساق هَذَا الْكَلَام يتقاضى بَث جملَة من أسرار الدّين أَن شرعنا فِي استقصائها ورغبنا فِي كشف غطائها وَإِذ ورد ذَلِك مُعْتَرضًا فِي سِيَاق الْكَلَام غير مَقْصُود فِي نَفسه فلنقتصر على هَذَا الْقدر الَّذِي انطوى فِي هَذَا الْفَصْل ولنشتغل بِمَا هُوَ الأهم من مَقَاصِد هَذَا الْكتاب وَقد بَينا فِي هَذَا الْفَصْل من يكفر مِنْهُم وَمن لَا يكفر وَمن يضل وَمن لَا يضل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015