وَالَّذِي مَاتَ طفْلا من غير اسلام ومقاساة عبَادَة بعد الْبلُوغ فِي دَرَجَة دون دَرَجَة الَّذِي بلغ واسلم فَيَقُول الَّذِي مَاتَ طفْلا يَا رب لم اخرتني عَن اخي الْمُسلم الَّذِي بلغ وَمَات وَلَا يَلِيق بكرمك الا الْعدْل وَقد منعتني من مزايا تِلْكَ الرُّتْبَة وَلَو انعمت عَليّ بهَا لانتفعت بهَا وَلم تَضُرك فَكيف يَلِيق بِالْعَدْلِ ذَلِك فَيَقُول لَهُ بزعم من يَدعِي الْحِكْمَة انه بلغ واسلم وتعب وقاسى شَدَائِد الْعِبَادَات فَكيف يَقْتَضِي الْعدْل التَّسْوِيَة بَيْنك وَبَينه فَيَقُول الطِّفْل يَا رب انت الَّذِي احييته وامتنى وَكَانَ يَنْبَغِي ان تمد حَياتِي وتبلغني الى رُتْبَة الِاسْتِقْلَال وتوفقني للآسلام كَمَا وفقته فَكَانَ التَّأْخِير عَنهُ فِي الْحَيَاة هُوَ الْميل عَن الْعدْل فَيَقُول لَهُ بزعم من يَدعِي الْحِكْمَة كَانَت مصلحتك فِي إماتتك فِي صباك فَإنَّك لَو بلغت لكفرت واستوجبت النَّار فَعِنْدَ ذَلِك يُنَادى الْكَافِر الَّذِي مَاتَ بعد بُلُوغه من دركات لظى فَيَقُول يَا رب قد عرفت مني أَنِّي إِذا بلغت كفرت فَهَلا امتني فِي صباي فَإِنِّي قَانِع بالدرجة النَّازِلَة الَّتِي انزلت فِيهَا الصَّبِي المتشوق الى دَرَجَات الْعلَا وَعند هَذَا لَا يبْقى لمن يَدعِي الْحِكْمَة فِي التَّسْوِيَة الا الاننقطاع عَن الْجَواب والاجتراء
وَبِهَذَا التَّفَاوُت يستبين أَن الْأَمر أجل مِمَّا يظنون فان صِفَات الربوبيه لَا توزن بموازين الظنون وان الله يفعل مَا يَشَاء وَلَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون