متنازع فِيهِ فَإِن الْمعلم ان كَانَ يعلم وَيذكر مَعَه الدَّلِيل الْعقلِيّ وينبه على وَجه الدّلَالَة ليتأمل المتعلم فِيهِ بمبلغ عقله وَيجوز لَهُ الثِّقَة بِمُقْتَضى عقله بعد تَنْبِيه الْمعلم فَلْيَكُن الْمعلم لَو أفسق الخليقة فَلم يحْتَاج الى عصمته وَلَيْسَ يتلقف المتعلم مِنْهُ تَقْلِيد مَا يتلقفه بل هُوَ كالحساب لَا بُد من معرفَة الْحق فِيهِ لمصَالح الْمُعَامَلَات وَلَا يعرفهُ الانسان من نَفسه ويفتقر الى معلم وَلَا يحْتَاج الى عصمته لانه لَيْسَ علما تقليدا بل هُوَ برهاني وان زعمتم أَن المتعلم لَيْسَ يتَعَلَّم بالبرهان وَالدَّلِيل لِأَن ذَلِك يُدْرِكهُ بِنَظَر عقله وَلَا ثِقَة بعقله مَعَ ضعف عقول الْخلق وتفاوتها فَلذَلِك يحْتَاج الى مَعْصُوم فَهَذَا الْآن حَمَاقَة لانه إِمَّا ان يعرف عصمته ضَرُورَة اَوْ تقليدا وَلَا سَبِيل الى دَعْوَى شئ مِنْهُ فَلَا بُد ان يعرفهُ نظرا إِذْ لَا شخص فِي الْعَالم يعرف عصمته ضَرُورَة اَوْ يوثق بقوله مهما قَالَ أَنا مَعْصُوم وَإِذا لم يعرف عصمته كَيفَ يقلده وَإِذا لم يَثِق بنظره كَيفَ يعرف عصمته فان كَانَ الامر كَمَا ذكرتموه فقد وَقع النَّاس عَن تعلم الْحق وَصَارَ ذَلِك من المستحيلات فَإِذا قَالُوا لَا بُد من تعلم الْحق لَا بطرِيق النّظر كَانَ كمن يَقُول لَا بُد من الْجمع بَين الْبيَاض والسواد لانه ان تعلم من غَيره بتأمل دَلِيل الْمَسْأَلَة الَّتِي يتعلمها كَانَ نَاظرا مُقْتَحِمًا خطر الْخَطَأ وَإِن قَلّدهُ لكَونه مَعْصُوما كَانَ مدْركا عصمته بِالنّظرِ فِي دَلِيل الْعِصْمَة وان لم يعْتَقد الْعِصْمَة وَيعلم مِمَّن كَانَ فقد رَجَعَ الامر بِالآخِرَة الى مَا استبعدوه وَهُوَ التَّعَلُّم مِمَّن لم تعرف عصمته وَفِيهِمْ كَثْرَة واقوالهم متعارضة كَمَا ذَكرُوهُ وَهَذَا لَا مخلص عَنهُ أَبَد الدَّهْر
وَأما الْمُقدمَة الْخَامِسَة وَهِي قَوْلهم إِن الْعَالم لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يشْتَمل على ذَلِك الْمَعْصُوم الْمُضْطَر اليه اَوْ يَخْلُو عَنهُ وَلَا وَجه لتقدير خلو الْعَالم