كان ذلك أولى للقارئ، وأقرب إلى استحضاره وتدبره، ولم يكن من يتضرر برفع الصوت، فأما إن كان هناك نائم أو نيام يتضررون بالصوت، فالأولى خفض الصوت بالقراءة والذكر، فإن كان الجميع يقرءون ويصوتون صوتًا عاديًا، وحصل به نشاط فلا بأس به، وقد قال تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110] (?) . وقد ذكر ابن كثير عند تفسير هذه الآية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان متواريًا بمكة كان إذا صلى ورفع صوته بالقراءة سمعه المشركون فسبوا القرآن ومن أنزله، ومن جاء به، فنزلت الآية وهو حديث متفق عليه (?) .
وروى ابن جرير عن ابن سيرين قال: نبئت أن أبا بكر كان إذا صلّى فقرأ خفض، وأن عمر كان يرفع صوته، فسئل أبو بكر فقال: أنا أناجى ربي، وقد علم حاجتي، وقال عمر: أطرد الشيطان، وأوقظ الوسنان. فلما نزلت الآية قيل لأبى بكر: ارفع شيئًا. وقيل لعمر: اخفض شيئًا (?) .