نشرت سنة 1966
رآني صديق لي وأنا أكتب هذا المقال، فقال لي مازحاً: اجعلها مقالات تقدّمية، لا تجعلها مقالات رجعية.
قلت: ما التقدمية، وما الرجعية؟
قال: ألا تعرف؟
قلت: لا والله، ولكني أعرف أن لكل عصر كلمات تمشي فيه على الألسن، يُقبل عليها الشباب ويُفتَنون بها من غير بحث عن حقيقة معناها، كما يتلقف النساء (أعني بعض النساء) الموضات في الثياب، ويقلّدْنَها ويحرصنَ عليها من غير أن يدركن الفائدة منها! ولقد كانت الموضة السائرة ونحن صغار كلمة «عصري»، وكانوا يتّهمون كل متمسك بالدين بأنه متعصب وغير عصري. وقبلها كانت الموضة كلمة «منوَّر»، فالذي يخالف ما عليه الشباب يتهمونه بأنه غير منوَّر. وكان كثيرون من ضعاف الإيمان يتظاهرون بترك الدين (وهم متديّنون في الواقع) خوفاً من أن يقال إنهم غير منورين أو إنهم متعصبون غير عصريين!
وقد بطلت اليوم هذه الكلمات وحلّت محلها كلمات جديدة