الأمراض ويشفي المرضى. وأن الصحابة أنفسهم لم يكن فيهم إلا مئة ممّن يفتي، وأن مئة الألف من المسلمين الذين توفي عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يرجعون إلى هذه المئة ولا يجتهدون لأنفسهم. وأنه إن لم يطّلع الإمام من الأئمة على الحديث من الأحاديث فإن أَتْباع مذهبه قد اطّلعوا عليه خلال هذه القرون الطويلة، وأنهم كانوا أتقى لله وأحرص على دينهم من أن يخالفوا حديثاً صحيحاً لقول إمام أو غير إمام، وأن المذاهب لم تأخذ الأحاديث وحدها بل أخذت الحديث وما قال فيه الصحابي، والتابعي، ومَن بعده، وسجّلت هذه الشروح والأفهام المتعاقبة ثم استخلصت منها الحكم، وأن من يترك اجتهادات الأئمة كمن يرى الطيّارة وما بلغت إليه بعد الجهود المتتالية والرقي المتسلسل، فيتركها ويُعرض عنها ويحاول الطيران بأجنحة يركّبها لنفسه كما فعل العباس بن فرناس!
وإن دعوى منع التقليد في الدين دعوى باطلة، لأن في كل علم أهل اختصاص فيه وغرباء عنه، فإذا احتاج الغريب إلى معرفة حكم فيه رجع إلى أهله، كالعامي يحتاج إلى مداواة مريضه أو عمارة بيته أو إصلاح ساعته، فلا يستطيع إلا الرجوع إلى الطبيب أو المهندس أو الساعاتي، وتقليده فيما يذهب به إليه اجتهاده.
* * *
وداع يدعو إلى إجراء الآيات المتشابهات على ظواهرها، ويبالغ في ذلك حتى يثبت لله يداً حقيقية ووجهاً وعرشاً قد استوى عليه استواء، وأمثال ذلك، ويحارب كل قائل فيها بالمجاز صارف