والصلاح والتقوى على قَدَم العلماء العاملين من السلف الصالح. ولكنهم ما خرجوا عن كونهم بشراً، فبين بعضهم وبعض خلاف، خلاف شخصي حيناً، واختلاف في فهم الإسلام أحياناً. واسمحوا لي أن أذكر أمثلة عن هذه الاختلافات. ولست بذكر الأمثلة أقول إنها كلها صواب، ولا أقرّها كلها، ولكني أذكر الخطأ والصواب لأبيّن مدى الاختلاف بينهم.
من العلماء من يرى الإسلام في اتّباع أحد المذاهب الأربعة، ومنهم من يرى ترك التقليد والأخذ من الكتاب والسنة رأساً، ومنهم من يسلك مسلك السلف، ومنهم من يلتزم بطريقة من الطرق الصوفية، ومنهم من يُؤثر رأي عالم من العلماء غير المذهبيين كابن حزم مثلاً، ومنهم من يرى التنفير من آرائه والدعوة إلى تركها، ومنهم من يأخذ آداباً معينة من آداب الإسلام، يقتصر عليها ويعلّمها تلاميذه على أنها هي الإسلام.
ولا يقتصر الأمر على هذا الاختلاف، بل إن كل واحد يرى الحق فيما هو عليه ويجادل المخالفين له، وقد انتقل هذا الاختلاف في الفهم وهذا الجدال بين أهله إلى الشبّان.
ولقد عدت إلى دمشق في هذا الصيف بعد غيبة امتدت أربع سنوات، فوجدت ظاهرة غريبة عجيبة، هي رجعة الشبّان والشابات من طلبة الجامعات وطالباتها إلى الإسلام، رجعة بقوة وحماسة واندفاع، وإقبال الشبان على مجالس العلماء والدعاة والفتيات على دروس الداعيات. وأشهد أن هؤلاء الشبان والشابات قد بلغوا الغاية في عمق الإيمان، وصدق التدين، واستقامة السيرة،