لقد سعى علي الطنطاوي خلال حياته كلها إلى الإصلاح، وجَهَدَ واجتهد وجاهد في سبيله: إصلاح العقيدة والعبادة، وإصلاح السلوك والأخلاق، وإصلاح التعليم والتربية، وإصلاح اللغة والأدب، وإصلاح حياة الناس الاجتماعية والأُسَرية، وإصلاح الحكومات والمحكومين.
في الدين والاعتقاد حارب الدعوات الباطلة والنِّحَل الباطنة والبدع والخرافات ودعا إلى الإسلام النقيّ الصحيح، وفي المجتمع والحياة العامة حارب التحلل والتكشف والفجور والاختلاط ودافع عن الاستقامة والعِفّة والفضيلة، وفي الأخلاق الاجتماعية حارب الكذب والغش والنفاق والالتواء والظلم والعدوان والرذائل كلها ودعا إلى نقائضها من الفضائل وكرائم الأخلاق، وفي اللغة والأدب حارب الضعف والحداثة ودافع عن العربية وانتصر للأسلوب العالي والبيان الراقي والشعر الأصيل الموزون ... وأنّى ذهبتَ في مجالات الحياة وجدت يده ممدودة فيه بالإصلاح.
لقد كان حرباً على الآثام كلها وداعياً إلى كل فضيلة، وحيثما كانت الخِيرَة بين خير وشر كان حرباً على الشر نصيراً للخير داعياً إليه مدافعاً عنه.
ولئن أعانه على جهاده الطويل هذا ما آتاه الله من أسلوب وفصاحة وبيان، وما حباه به من اندفاع وشجاعة وجرأة وصلت به أحياناً إلى درجة التهوّر، وما درج عليه من الثورة على العادات ومخالفة المألوف، فإن الذي دفعه في هذا الطريق في المقام الأول هو الإيمان العميق الذي غُرس في قلبه، والروح المتوثِّبة التي حملها بين جَنْبَيه، وموهبته النادرة في الانتباه إلى الخطأ مهما