أن أحاول كتابة فصول في تاريخ الدعوة فيها جميعاً، ثم رأيت أن أقتصر على الشام وأدع لغيري (ممّن هم أعلم مني) كتابة الباقي.

* * *

لمّا قدمت مصر أول مرة كانت الدعوة الإسلامية فيها منحصرة في الأزهر المعمور، والرجال الذين تخرجوا فيه أو على أسلوبه، وفي المدارس التي كانت تنحو منحى الأزهر (وإن كان جلّ عنايتها بالعلوم اللسانية) كدار العلوم، وفي أفراد معدودين من غير الأزهريين، أخصّ بالذكر منهم:

أحمد تيمور باشا رحمه الله، الذي كان أمة وحده في دينه وعلمه وخلقه وتحقيقه وحيائه وتواضعه. ومن هو أقرب الناس شبهاً به في سَمته وصمته وأدبه وعلمه، أستاذنا السيد الخضر حسين مدّ الله في عمره. وخالي وأستاذي محب الدين الخطيب، الذي كان أول عامل على تنظيم الدعوة الإسلامية في مصر، كما كان أول عامل على إحياء الفكرة العربية في الشام من قبل. والطائفة المختارة من إخواننا، كالدكتور الدرديري، والأساتذة محمود شاكر وعبد السلام هارون وعبد المنعم خلاف، وآخرين لا تحضرني الآن -من العجلة- أسماؤهم. وكان مقرهم المطبعة السلفية في شارع الاستئناف عند الأستاذ محب الدين الخطيب، وهنالك عرفت بعضاً منهم، وعرفت بعضاً في دار العلوم العليا (وقد دخلتها حوالي سنة 1929 ولم أتمَّها) وفي مجلة «المنار».

والأزهر -وإن ظل دهراً طويلاً المعقلَ الإسلامي من هجمات الإلحاد والمصباحَ الهادي في ظلمات الجهل- قد اقتصر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015