بالبطيخ؛ أي يرمي كل منهم قطعة البطيخ على صاحبه، فإذا جاء الجِد كانوا هم الرجال. وسُئل الشَّعبي: أكان أصحاب محمد يضحكون؟ قال: نعم، والإيمان في قلوبهم مثل الجبال.
وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل اسمه نُعَيمان كثير المزاح، ومن مزحه أنه رأى مَخْرمَة بن نوفل (وكان ضريراً، ولا يعرفه)، فقال له: دلّني على مكان أبول فيه، فجاء به إلى مؤخرة المسجد. فلما قصر ليبول صاح به الناس: إنك في المسجد! قال: من قادني؟ قالوا: نُعيمان. قال: لله عليّ إن وصلت إليه لأضربنه بعصاي. ومرت أيام، فجاءه نعيمان فقال: أتحب أن أدلّك على نعيمان؟ قال: نعم. قال: ها هو ذا. وقاده حتى أوصله إلى عثمان ابن عفان وهو قائم يصلي. فرفع عصاه فضربه، فصاح به الناس: ويلك، تضرب أمير المؤمنين! قال: من قادني؟ قالوا: نعيمان. قال: والله لا تعرضت له أبداً.
وهذا مزاح ثقيل وربما كان يجاوز كل حدود المزاح المألوف، ومع ذلك قبله الصحابة لأنه مزاح، ولو أخذوه على أنه جِدّ لكان نصيب نعيمان العقوبة الشديدة الرادعة. ومن شاء أن يطّلع على مزاح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين والأئمة، فلينظر كتاب «المِراح في المِزاح» للغَزّي.
* * *
فأنا جعلت أحاديث هذه السلسلة بلا عنوان لأحدّث تارة حديث التسلية والفكاهة، وتارات حديث الجِدّ والفائدة. ولقد أدركنا من مشايخنا من كان يحدثنا عن نفسه بما لو حدث به اليوم