العثمانية، فسمع بذلك قنصل الإنكليز، فمنعه فلم يمتنع، وراجع التاجرُ الوالي نامق باشا، فأذن له برفع الراية العثمانية وكتب له بذلك منشوراً.
فطلع قنصل الإنكليز وأنزل الراية العثمانية ووطئها برجله، وتكلم (كما تقول الرواية) بكلام غير لائق، وأعاد الراية الإنكليزية. وشاع ذلك بين الناس فغضبوا وهاجوا، وخرجت جماهيرهم صاخبة فأحاطت بدار القنصل ورمتها بالحجارة، فخرج إليهم القنصل وقابلهم بالشدة والعنف ووجّه إليهم الشتائم، فألقى بذلك الزيت على نار غضبهم، وكانت النتيجة أن قُتل القنصل، وجرّهم الغضب إلى مهاجمة القنصليات الأجنبية الأخرى.
وأرادوا العدوان على النصارى ونهب أموالهم، لا سيما كبيرهم التاجر فرج بيه، وهو شريك قنصل الإنكليز وكانت له يد فيما كان من القنصل، فمنعهم من ذلك وكيل شريف مكة، السيد عبد الله نصيف، وجيه جدة يومئذ (وكان شريف مكة هو محمد ابن عون).
وكان نامق باشا قد سافر إلى المدينة، فلما سمع بهذه الحادثة عاد مسرعاً إلى جدة، وعمل على تسكين الفتنة، وقبض على من تولّى كبرها وأثارها ووضعهم في السجن، وكتب إلى إسطنبول يخبر السلطان بما كان، وطلع إلى مكة لأداء الحج.
فلما كان اليوم الثالث من أيام التشريق، والناس في منى، جاء الخبر من جدة بأن سفينة حربية إنكليزية وقفت حيال جدة ورمتها بالقنابل خمس ساعات متتاليات، بلا إنذار ولا إعلان