في دكان في البزورية
تبدأ هذه القصة في دكان في البزورية (?) لرجل اسمه السيد عمر عابدين، لم يكن من العلماء، ولكنه كان من أسرة عُرف رجالها بالاشتغال بالعلم وبالإقبال على العبادة، وبأن لهم حظاً من شرف النسب.
وكان من المشهور والمتعارَف عليه في دمشق أن يشتغل العلماء بالتجارة ويتعاطوا البيع والشراء، وقد أدركت أنا عدداً من هؤلاء العلماء لا تزال بقاياهم موجودة إلى اليوم، جمعوا العلم والمال وتجارة الدنيا وتجارة الآخرة، فاستغنوا بذلك عن أموال الحكام وترفّعوا به عن ذُلّ السؤال، وأمدّوا به الفقير وساعدوا المحتاج، فكان لهم عزّ الغِنى وعز العلم. وما انحرف عن الجادة مَن انحرف من العلماء إلا لأنهم احتاجوا إلى الرواتب ومدّوا أيديهم إلى أموال الأوقاف.
وكان السيد عمر يتحسّر دائماً على ما فاته من الاشتغال بالعلم وعلى أنه لم يسلك في ذلك مسلك أسلافه، فلما وُلد له هذا الولد (الذي نتحدث عنه) حفّظه القرآن وهو صغير، فكان يتلو الآيات قبل أن يصحح نطق الكلمات، ونشّأه على التلاوة الدائمة، وأقامه معه في الدكان يعلمه البيع والشراء.