ثالثاً: لأن التطور الأدبي يخالف في طبيعته التطور السياسي، فقد زالت الدولة الأموية وجاءت الدولة العباسية خلال أيام أو أشهر، ولكن الأدب الأموي لم يذهب خلال هذه الأشهر، والشاعر الذي كان يَنْظم أيام بني أمية على أسلوب لم يبدّله لمّا تبدلت الحكومة. وكما أن الطفل لا يصير شاباً في يوم معين من شهر معين، بل يتم ذلك في المدة الطويلة ويكون كحركة الظل، تراه واقفاً وهو يمشي، فكذلك الأدب، لا يتحول إلا في الزمن المديد وبالسير البطيء.
المذاهب الأدبية
وخير من ذلك أن ندرس الأدب تبعاً للمذاهب الأدبية.
وللإفرنج مذاهب معروفة: المذهب الاتّباعي (الكلاسيك)، والعاطفي (الرومانتيك)، والواقعي، والخيالي، والطبيعي، والرمزي. ولكل ذلك أنواع وفروع؛ فواقعية إميل زولا غير واقعية قُصّاص الروس، وتاريخية ديكنز غير تاريخية دوماس الكبير. فلِمَ لا نكشف في الأدب العربي عن الصفات المتشابهة في طائفة من الشعراء فنجعلها مذهباً؟ فيكون في الغَزَل المذهب العذري،