وإذا كان علماء الفلك يقولون بأن من النجوم والمجرات ما يسير الضوء الصادر عنه في الفضاء من أول الزمان ولم يصل إلينا إلى الآن، فمعنى ذلك أننا لو اخترعنا مركبة فضائية تسير بسرعة الضوء ولو ركبنا فيها يوم وُلد نوح وسرنا من ذلك الوقت إلى اليوم لا نكون قد قطعنا من طريق السماء (الدنيا) إلا كما تقطع النملة التي تمشي دقيقة واحدة من هنا إلى أميركا!
* * *
وأنا حين أنتهي إلى هذه الصورة وأرى أن عالمنا كله -بأجرامه وفضائه- محبوس في وسط الكرة الصغرى التي هي السماء الدنيا، أجد ذهني ينتقل إلى الجنين «المحبوس» في بطن أمه. هذا الجنين لو استطعت أن تسأله واستطاع أن يجيبك وقلت له: ما هي الدنيا؟ لقال لك: الدنيا هي هذا البطن وهذه الأغشية. فلو خبّرته أن ها هنا دنيا أكبر، عالَماً فيه برّ وبحر وسهل وجبل ومدن كِبار، وأن داراً واحدة من دور هذه المدن أكبر من دنياه هو بملايين المرات، لم يستطع أن يفهم ما تقول أو أن يتصوره. وكذلك نحن حين نسمع أن الجنة عرضها كعرض السماوات والأرض وأن قصراً واحداً من قصورها أكبر من هذه الأرض كلها.
إن نسبة مُلك الله إلى هذا «الفضاء» الذي فيه الكواكب والنجوم والمجرات كنسبة هذا الفضاء إلى بطن الأم، بل هو أكبر. فسبحان الله، لا إله إلا الله، وما أحمق من لا يؤمن بالله!
والله الذي خلق هذه المخلوقات التي يعجز العقل عن تصوّر