كيل (كيلومتر) في الثانية؛ أي أنها تبعد عنا ثمان دقائق بالزمن الضوئي، والقمر يبعد عنا ثانية وثلث الثانية بهذا الزمن، فلو أننا استطعنا أن نصنع مركبة تسير بسرعة الضوء (وهي أقصى سرعة ممكنة، فإنْ زادت السرعة على ذلك ذهب الجسم -كما يقول آينشتاين- وتحول إلى طاقة) لبلغنا القمر في ثانية وثلث الثانية، ولوصلنا إلى الشمس في ثماني دقائق.
وأن هذه الأجرام التي تظهر لنا نقطة في الفضاء في الليلة الظلماء (وقد لا تظهر لنا أبداً) منها ما يبعد عنا ألف ألف (أي مليوناً) من السنين بالزمن الضوئي، ومنها ما يبعد عنا مئة مليون وألف مليون سنة وأكثر. فاحسبوا كم «ثمان دقائق» في هذه المدة التي تبلغ ألف مليون سنة لتتصوروا كم هي أبعد من الشمس.
أما كبرها، فنحن نعلم أن القمر أصغر من أرضنا، والأرض لا تعد شيئاً إلى جنب الشمس، ومن النجوم العملاقة ما لو أن الشمس أُلقِيت فيه هي وسيّاراتها لكانت بالنسبة إليه كحبة رمل ألقيت في بَوادي نجد، أو كقطرة ماء قُطِرت في البحر المحيط!
وهذه النجوم والأجرام -على ضخامتها- كثيرة لا تُحصى، يزيد عددها على ملايين الملايين، وتسير بسرعة مهولة، ومع ذلك لا تصطدم إلا إذا اصطدمت ستُّ نحلات تطير وحدها حول الأرض، لأن هذا الفضاء واسع واسع كسَعَة جوّ الأرض بالنسبة إلى النحلات كما يقول مؤلف كتاب «النجوم في مسالكها»!
فأين مكان السماء من هذا الفضاء؟
الله خبّرنا أن السماء ليست حدوداً وهميّة، بل هي «جرم»