وجود الاختلاف من طبائع البشر التي لا تنفك عنهم، وهو من قدر الله فيهم.
ففي ألسنتهم اختلاف، وفي ألوانهم، وفي عقائدهم، وفي أفكارهم ... إلخ، والمقصود أن وقوع الاختلاف بين علماء الأمة ليس ذمّاً عليهم، إذ لا أحد من المجتمعات يسلم منه.
وقد وقع الاختلاف في التفسير كما وقع في الأحكام، ولهذا الاختلاف أسباب أوجبته، وعلل أوجدته، والأمر في الاختلاف في النص إذا كان معلوماً للمجتهدين يرجع إلى أحد شيئين:
الأول: اختلاف فهوم المجتهدين من العلماء.
الثاني: أن يكون النص محتملاً لأكثر من معنى.
إذاً فالخلاف منه ما يرجع إلى المجتهد، ومنه ما يرجع إلى النص.
والمؤلفات في أسباب الاختلاف في التفسير نادرة، وقد سرد بعض هذه الأسباب ابن جزي في مقدمة تفسيره، وقد أُلف في أسباب الاختلاف رسالة علمية بعنوان: «اختلاف المفسرين: أسبابه وآثاره» (?).
ويمكن الاستفادة في هذا الموضوع ممّا كتب في أسباب اختلاف العلماء من حيث العموم، ومن أهمها رسالة ابن السيد البطليوسي، التي سمَّاها: «الإنصاف في التنبيه على المعاني والأسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين في آرائهم».