وقد يكون خطؤهم في الدليل والمدلول كذلك؛ كاستدلال بعض المتصوفة بقوله تعالى: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ} [ص: 42] على جواز الرقص (?).
الثاني: من فسر القرآن بمجرد ما يسوغ أن يريده بكلامه من كان من الناطقين بلغة العرب، من غير نظر إلى المتكلم بالقرآن، والمنزل عليه والمخاطب به، وملابسات النزول؛ كأسباب النزول وقصص الآيات، وعادات المخاطبين ... إلخ.
وقد ذكرت مثالاً لذلك في التنبيهات على التفسير باللغة، عند الحديث عن منهج أبي عبيدة.
فهذان النوعان إذا وقعا في تفسير ما فإنه يحكم بذمِّه، نظراً لأنه فسَّر القرآن بما لا يسوغ له، وحمله على غير المراد به.
ولذا فإن تفاسير السلف لا يوجد فيها تفاسير على هذه الشاكلة، وإن كان ورد عن مجاهد بعض التفاسير المذمومة؛ كتفسيره قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: 65].
قال: لم يمسخوا، إنما هو مثل ضُرِب لهم، كما ضرب لهم مثل الحمار يحمل أسفاراً (?).
وهذه التفاسير المذمومة التي وردت عنه، لم تخرجه ـ رحمه الله تعالى ـ عن الإمامة [51] في التفسير، حتى قال سفيان الثوري: «إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به» (?).
وإذا حكم على كتاب في التفسير بأنه مذموم، فإن هذا يكون بالنظر إلى منهج الاستدلال عند هذا المفسر.