كان رجوع التابعين إلى أهل الكتاب أكثر من رجوع الصحابة (?)، ولكن يبقى الأمر في أن ما روي عنهم من أخبار إسرائيلية فهو في حكم الإسرائيليات، ولعلهم كانوا يذكرونه من باب العلم والرواية لا من باب التفسير ـ والله أعلم ـ، وتظهر كثرة مروياتهم عن بني إسرائيل من خلال تفاسيرهم، ومن ذلك: ما رواه الطبري عن بعض التابعين في مائدة النصارى:
قال أبو عبد الرحمن السلمي: نزلت المائدة خبزاً وسمكاً.
وقال عطية: المائدة سمكة فيها طعم كل الطعام (?).
اعتمد التابعون فهمهم واجتهدوا في تفسير القرآن، وإبراز فوائده، وكان بينهم في ذلك اختلاف، نظراً لأن مرجع ذلك هو عقولهم وعلومهم، وهي تختلف باختلاف أشخاصهم، ولذا فقد يكون لهم في فهم الآية أكثر من معنى، وكل معنى مبني على ما [37] سبق من المصادر المذكورة سابقاً؛ كاختلافهم في إنزال المائدة، واختلافهم في القرء، والبروج، والعاديات، وغيرها.
ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ} [عبس: 20]، قال السدي، وقتادة: يسَّر خروجه من بطن أمه.
وقال مجاهد، والحسن، وابن زيد: يسَّر سبيل الخير والشر (?).
مثال آخر، قال ابن جرير: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني يعقوب بن عبد الرحمن الزهريّ، قال: سألت زيد بن أسلم، عن قول الله: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} الآية، إلى قوله: {سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} [ق: 19 - 21]