3 - القراءات يبين بعضها بعضاً:
مثاله: قوله تعالى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُّمُ الأَيْمَانَ} [المائدة: 89]. قرأ حمزة والكسائي وشعبة وعاصم: «عَقَدتم» بالتخفيف بلا ألف، وقرأ ابن ذكوان عن ابن عامر «عاقدتم» بألف بوزن فاعل. وقرأ الباقون: {عَقَّدْتُّمُ} بالتشديد من غير ألف.
والتضعيف والمفاعلة معناها مجرد الفعل، بدليل قراءة «عقدتم» بلا ألف ولا تضعيف، والقراءات يبين بعضها بعضاً (?).
• وأخيراً ـ لا يخفى عليك ـ أيها القارئ ما بين هذه القواعد من التداخل، وإنما فصلتها قصداً للتنويع، وإن كانت هي وما قبلها من باب واحد كذلك.
ولعله بعد هذا النقل يتبيَّن لك أن القراءات تثري التفسير وتزيده بالمعاني المختلفة التي قد لا تدل عليه قراءة واحدة. وإليك بعض الأمثلة التي تبين لك لطف هذا الباب وزينته من بعض كتب توجيه القراءات: [129]
• في قوله تعالى: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} [الأنعام: 83] قرئ: «درجات» بالتنوين، و «درجاتِ» بالكسر على الإضافة.
فمن قرأ: {دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} فالمرفوع هم أصحاب الدرجات.
ومن قرأ: «درجاتِ» فالمرفوع هي الدرجات.
قال مكي: «فالقراءتان متقاربتان؛ لأن من رُفعت درجاته فقد رُفع، ومن رُفع فقد رُفعت درجاته» (?).
• وفي قوله تعالى: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا} [البقرة: 259] قرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب: «ننشرها» بالراء.
وقرأ الباقون: {نُنْشِزُهَا} بالزاي.