قال أبو الليث: «ومعنى قول ابن عباس: ولا تمسكوا من الصدقة فتهلكوا؛ أي: لا تمسكوا عن النفقة والعون للضعفاء، فإنهم إذا تخلفوا عنكم غلب عليكم العدو، فتهلكوا.
ومعنى آخر: ولا تمسكوا؛ فيرث منكم غيركم، فتهلكوا بحرمان منفعة أموالكم.
ومعنى آخر: ولا تمسكوا؛ فيذهب عنكم الخلف في الدنيا والثواب في الآخرة» (?). [84]
4 - في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ *لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج: 24، 25].
قال ابن عطية: «وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: المحروم: الكلب.
أراد ـ والله أعلم ـ أن يعطي مثالاً من الحيوان ذي الكبد الرطبة لما فيه من الأجر، حسب الحديث المأثور» (?).
5 - في قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28].
قال ابن القيم: «وفي تفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} قال: الذين يقولون إن الله على كل شيء قدير. وهذا من فقه ابن عباس وعلمه بالتأويل ومعرفته بحقائق الأسماء والصفات، فإن أكثر أهل الكلام لا يوفون هذه الجملة حقها، ولو كانوا يقرون بها، فمنكرو القدر وخلق أفعال العباد لا يقرون بما على وجهها ومنكرو أفعال الرب القائمة به لا يقرون بها على وجهها، بل يصرحون أنه لا يقدر على فعل يقوم به، ومن لا يقر بأن الله سبحانه كل يوم هو في شأن يفعل ما يشاء لا يقر بأن الله على كل شيء قدير، ومن لا يقر بأن قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ـ وأن سبحانه مقلب القلوب حقيقة، وأنه إن شاء أن يقيم القلب أقامه وإن شاء أن يزيغه أزاغه ـ لا يقر بأن الله على كل