وفيه أقسام:
وفيه مسائل الأولى يجوز الإفتاء للمجتهد اتفاقا ولحاكي قول مجتهد حي سمعه منه مشافهة لأن عليًا رضي الله عنه أخذ بقول المقداد عن النبي عليه السلام في المذي ولذا يجوز للمرأة أن تعمل في حيضها بنقل زوجها عن المفتى أما لحاكى قول ميت فمنعه الأكثرون إذ لا قول للميت لانعقاد الإجماع مع خلافه وإنما صنفت كتب الفقه لاستفادة طرق الاجتهاد من تصرفهم ومعرفة المتفق عليه والمختلف فيه قال في المحصول والأصح عند المتأخرين جوازه لوجهين الأول انعقاد الإجماع على جواز العمل بهذا النوع من الفتوى إذ ليس في الزمان مجنهد وله معنيان.
1 - إن أحكام الشريعة المحمدية باقية إلى آخر الزمان لكونه خاتم النبيين ولقوله عليه السلام الحلال ما جرى على لساني إلى يوم القيامة الحديث وكل من المجتهدين يثبت الحكم على أنه كذلك فهم وإن اختلفوا في تعيين الحكم مجمعون ضمنًا على بقائه وجواز تقليد من بعدهم.
2 - أن المجتهدين السابقين المختلفين أجمعوا صريخا على أن من بعدهم إذا اضطروا إلى تقليد الميت لعدم الاجتهاد جاز لهم ذلك فإن قلت فمقتضى هذا أن يعتبر قول الميت ولا يفوت بموت صاحبه إذ لولا ذلك لم يكن للإجماع السابق حكم ولو اعتبر لم ينعقد الإجماع اللاحق على أحد القولين في السابق.
قلنا نعم أولًا الإجماع في السابق مشروط بعدم معارضه القاطع ومنه الإجماع اللاحق وبهذين يسقط ما يقال إذا خلا عصر عن المجتهد الميت ثقة عالمًا والحاكى عنه ثقة فاهمًا معنى كلامه حصل عند العامي ظن أن حكم الله تعالى ما حكاه والظن حجة حتى لو رجع إلى كتاب موثوق به جاز أيضًا كذا في التحصيل.
قال في فتاوى العصر في أصول الفقه لأبي بكر الرازى رحمه الله فأما ما يوجد من
كلام رجل ومذهبه في كتاب معروف به قد تداولته النسخ يجوز لمن نظر فيه أن يقول
قال فلان كذا وإلا لم يسمعه من أحد نحو كتب محمَّد بن الحسن وموطآت مالك لأن
وجودها على هذا الوصف بمنزلة خبر المتواتر والاستفاضة لا يحتاج مثله إلى إسناد وتوفية
الكلام فيه أن لغير المحتهد أن يفتي بمذهب أن أهلا للنظر والاستنباط مطلعا على المآخذ
في أقوال إمامة أي مجتهد في ذلك المذهب ومعنى الإفتاء الاستنباط بمقتضى قواعده لا الحكاية.