ورابعًا: أن فضل الاجتهاد وكثرة ثوابه أولى لأن منصبه أعلى.
قيل قد يسقط فضله لدرجة أعلى سقوط ثواب الشهادة عن الحاكم وثواب القضاء عن الإِمام وثواب التقليد عن المجتهد.
قلنا ذلك عندما ينافيه الدرجة العالية ولا كذلك ما نحن فيه.
لهم أولًا قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 4].
قلنا: يختص بما بلغه لأنه لرد قولهم في القرآن إنه افترى.
ولئن سلم فالحكم بالاجتهاد المتعبد بالوحى قول بالوحى.
وثانيًا: أنه لا يجوز مخالفته بل يكفر بها لقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ} [النساء: 65] الآية وجوازها من لوازم الاجتهاد.
قلنا من لوازمه ما لا يقارنه القاطع كاجتهاد عند إجماع فمنه كونه اجتهاد المقرر.
وثالثًا: أنه عليه السلام كان يتأخر في جواب السؤال كما في حكم الظهار واللعان ولا يجتهد.
قلنا لانتظار الوحي الذي عدمه شرط في الاجتهاد أو لانتظار فراغ يصلح له.
ورابعًا: كان قادرًا على اليقين هو الوحي ولا اجتهاد للقادر عليه.
قلنا إنزال الوحي غير مقدور ولذا كان يحكم بالشهادة مع أنها لا تفيد إلا الظن.
تنبيه: الأصل هو الوحي فالاجتهاد لضرورة العجز عنه إما بمضى مدة الانتظار وهي ما يرجى فيها نزول الوحي أو خوف فوت حكم الحادثة.
الثالثة: إذا جاز له الاجتهاد يجوز عليه الخطأ لكن لا يقرر عليه بل ينبه أما عدم القرار فبالإجماع وأما جواز الخطأ قلنا فيه عقلا أن لا مانع منه من حيث بشريته وليس علو رتبته وكمال عقله وقوة حدسه مانعًا لأن السهو والخطأ للغفلة من لوازم الطبيعة البشرية فإذا جاز سهوه حالة المناجاة كما ثبت أنه سهى فسجد فالخطأ في غيرها بالأولى ونقلا قوله تعالى: {لِمَ أَذِنْتَ لَهمْ} [التوبة: 43] دل على أن إذنهم كان خطأ وقوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} [الأنفال: 67] الآية حتى قال عليه السلام "لو نزل بنا عذاب ما نجا إلا عمر" (?) لأنه أشار إلى القتل وغيره إلى الفداء فهو خطأ وقوله عليه السلام "إنكم تختصمون إلي ولعل أحدكم ألحن بحجته" الحديث وقوله عليه السلام: "أنا أحكم بالظاهر" فدل أنه قد يخفى عليه الحق الباطن.