فلم يستحق سواء كان المخطئ نحطئًا ابتداء وانتهاء أو انتهاء فقط فلنذكر لبيانها أربعة مباحث.
الأول أجمع المليون على وحدة المصيب في العقليات وأن النافي لملة الإِسلام كلها أو بعضها كافر لكن في أنه آثم خلاف الجاحظ في المجتهد دون العائد مع أن يجري عليه في الدنيا أحكام الكفار اتفاقًا وفي أنه مخطئ خلاف العنبرى.
قال في البديع وأول نفى الإثم بالاجتهاد في مسائل الكلام كنفى الرؤية لا في صريح الكفر.
والأصح أن خلافهما في مطلق الكافر كان من أهل القبلة أو لم يكن إذ القول بأن اليهودى غير مخطئ في نفيه نبوة نبينا عليه السلام ليس بأبعد من القول بأن المجتهد من أهل القبلة غير مخطئ في أن الله تعالى جسم وفي جهة وزاد العنبرى أن كل مجتهد في العقليات مصيب فإن أراد وقوع معتقده لزم التناقض كوقوع قدم العالم وحدوثه وإن أراد عدم الإمْ محتمل.
لنا إجماع المسلمين قبل ظهور المخالف على قتلهم وقتالهم وأنهم من أهل النار ومعاندين ومجتهدين أما التمسمك بظواهر النصوص فلا يفيد قطعًا لجواز التخصيص يعبتر المجتهد.
لهم أن مكلفيهم باعتقاد نقيض اجتهادهم تكليف دمًا لا يطاق لأن المقدور الاجتهاد الذي هو الفعل لا الاعتقاد الذي هو لازمه لأنه صفة.
قلنا لا نعلم أن اعتقاد النقيض غير مقدور فقدلنا المجتهد منعقد لمجتهده بالضرورة ضرورة بشرط المحمول أي ما دام معتقد فامتناع اعتقاد نقيضه أيضًا كذلك والذي لا يكلف به هو الممتنع العادى كحمل الحبل وأما كونه صفة فغيرِ قادح كجميع العلوم الكسبية.
المبحث الثاني
قال جمهور المتكلمين منا كالأشعرى والقاضى ومن المعتزلة كابى الهذيل والجبائيين واتباعهم ما ظنه كل مجتهد في مسألة لا قاطع فيها هو حكم الله تعالى في حقه وحق مقلديه ولا حكم له قبل الاجتهاد والحق مذهبنا أن الله تعالى فيه حكمًا قبله والمصيب واحد وأبو حنيفة والشافعى ومالك وأحمد نقل عن أربعتهم تصويب كل مجتهد والقول بوحدة الحق وتخطئة البعض (?).