كل سورة أو من غير الفاتحة بعض آية منها وتواتر كونه قرآنا في كل محل عند غيره كما في سائر المكررات فإذا لم يتواتر ذلك في محل ما لم يكن قرآنًا عند مالك وأبي حذيفة في رواية ولأن التوصية بالتجريد إنما يقتضي عادة قرآنيته في الجملة لا قرآنيته في كل محل كما ظنه الشافعي لجواز كونه آية فذة أنزلت للفصل والتبرك أختاره أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله على رواية أبي بكر الرازي وبها أخذ المتأخرون ولذا كتبت بقلم الوحي، أي حين نزلت وإنما كتبت بخط آخر ليعلم أنها ليست أول سورة وآخر أخرى والرواية حيث قالوا ثم يتعوذ ثم يقرأ ويخفي البسملة حيث أدخلوها في القراءة شاهدة له والأحاديث آحاد ومؤولة لتعارضها فحديث ابن عباس رضي الله عنه من حيث كونه آية فذة أو مائة وأربع عشرة آية عن التأويلات ومع أنها من كتاب الله لا من كل سورة وحديثا أبي هريرة وأم سلمة أو بعض آية من الفاتحة فخطأ مالك - رحمه الله - في عدم اختيار التوصية بالتجريد أصلا وخطأ الشافعى في اعتبارها في كل سورة مع الجواز المذكور.
ثم تفريع عدم الجهر على مذهب مالك - رحمه الله - منتظم كالجهر على مذهب الشافعي أما على الرواية الأخيرة لأبي حنيفة فلأنه غير معلوم قرآنيته من حيث ذلك المحل والأصل في الأذكار الإخفاء، وليعلم بالإخفاء أنه ليس من ذلك المحل والجهر ليس من لوازمه كالشفع الأخير ولأن اختلاف العلماء من حيث إن دليل كل شبهة قوية من حجة غيره أوْرث شبهةً في قرآنيته أو في كونها آية تامة لم يجز الصلاة به إذْ المقطوع لا يؤدي بالمظنون وحرمت على نحو الجنب عند نيته القراءة لا الثناء للاحتياط ولم يكفر إحدى الطائفتين الأخرى إجماعًا مع أن كلا من نفي الضروري كونه من القرآن وإثبات الضروري عدم كونه منه مظنة للتكفير، لا يقال دليل كل طائفة قطعيٌ عنده وإلا لم يتضح التمسك به في نفي القرآنية أو إثباتها، فلا معتبر لتعارض الشبهة وألا تجري في الاعتقاديات المختلف فيها كالوحدة وغيرها لأنا نقول قد تبين عدم قطعية دليلي الشافعي ومالك أما دليلنا وإن كان قطعيًا بالنظر إلى نفسه فالقطع به من قضاء العادة التي لا معتبر بها عند معارضة النص، فالنصوص المعارضة لها لو كانت قطعية كان الأخذ بها وترك العادة واجبًا وعند ظنيتها أورثت قدرًا من الشبهة صالحًا لدفع ما يندفع بالشبهات وهذا معنى قوتها بخلاف أدلة سائر الاعتقاديات ولا نعلم عدم صحة التمسك بمثل هذا القطعي في نفي القرآنية وإثباتها.
بقى بحث هو منع أن العادة تقتضي بتواتر تفاصيل مثله لما لا يكفى تواتره في محل ما سواء كان في النمل أو في كونه قرآنًا لإثباته في محالٍ، وجوابه أنه لو لم يجب التواتر في كل