من الطلاق والعتاق على مال والصلح عن دم العمد ولأن الهزل بالشيء ينافي الرضا بحكمه ويكون كخيار الشرط صار تسليم الشفعة بالهزل قبل طلب الموثبة مبطلًا للشفعة لأنه كالسكوت عن طلبها وبعد الإشهاد مبطلًا للتسليم كما يبطل التسليم بخيار الشرط إذ لو سلمها بعد الطلبين على أنه بالخيار ثلاثة أيام تبطل وتبقي الشفعة وذلك لأن التسليم لكونه استيفاء أحد العوضين ولذا يملك الأب والوصي تسليم شفعة الصبي بتوقف على الرضا بالحكم وإذا يبطل الإبراء كما يبطله خيار الشرط لأنه في معنى التمليك ولذا نريد الرد.
وأما الإخبار كالإقرار يقتسمان ويبطله الهزل احتمل المقربة الفسخ أولًا لأنه يعتمد صحة المخبر به أي تحققه والهزل دليل عدمه فصار الكل مما يحتمله كما يبطل الإقرار بنحو الطلاق بالكره وأما الاعتقاد فقسمان لأنه بالقبيح أو الحسن فالهزل بالردة كفر لا بما هزل به ليردان مبنى الردة تبدل الاعتقاد ولم يوجد لأن الهزل ينافي الرضا بالحكم بل بنفس الهزل بالردة لأنه استخفاف بالدين وهو كفر لقوله تعالى {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: من الآية 65 - 66] وَذلك لوجود الرضا بنفس الهزل فصار كالإشراك هازلًا وسب النبي عليه السلام هازلا بخلاف المكره لأنه غير راض بالسبب والحكم جميعًا قيل ولأنه معتقد الكفر إذ مما يجب اعتقاده حرمة الاستخفاف بالدين وفيه بحث إذ غايته اعتقاد الحرمة فيكون مباشرته فسقا لا كفرًا إذ المباشرة ليست استحلالا بل الحق أن مباشرة الاستخفاف بالدين الذي هو كفر بالنص والإجماع رضا بالكفر وهو كفر أو نقول هو أمارة الكفر الذي هو في نفسه خفي فيقوم مقامه كإلقاء المصحف في القاذورة وشهد الزنا وغيرهما والهزل بالاسلام متبرئًا عن دينه يوجب الحكم بالاسلام كالمكره عليه بالرضا بأحد الركنين وهو الإقرار لأنه يعلو ولا يعلى عليه ولأنه لا يحتمل الرد بخيار أو غيره كالطلاق، والسفه لغة للخفة والتحرك وقد يتعدى وشرعًا لمعنيين أعم وهو خفة تعترى فرحًا أو غضبًا فتحمل على عمل غير موجب الشرع والعقل مع ثباته بخلاف العته فيتناول ارتكاب كل محظور وأخص هو المصطلح هنا وذا بتخصيص العمل بما يخالفهما من وجه لوخامة عاقبته وإن شرع وحمد بأصله وهو السرف.