وأخرى باختيار أن المراد مطلق البعض وبالعلم اليقين وبالأدلة الأمارات التي يمكن التوصل بصحيح النظر فيها إلى الظن بمطلوب خبري واليقين من الأدلة الظنية لا يحصل إلا لمجتهد يفيده ظن الحكم الجزم به في حقه وحق مقلديه أما ظنه الذي هو علة الجزم فوجداني وأما عليته فالإجماع المتواتر على أثر الجزم وهو وجوب العمل والفتوى، أو بأن رجحان المرجوح ممتنع فالأولى وجدانية والثانية ضرورية من الدين والحاصل من المقدمتين القطعيتين وهما هذا مظنوني مجتهدًا وكل ما هو كذلك فهو مجزومٌ به في حق مقلدي قطعي غاية الأمران الثابت قطعية في حقه وحق مقلديه لا في نفس الأمر ولذا لم يقطع بتخطئة المخالف اجتهادًا بالإجماع وجاز توليه مجتهد مخالف وذلك لا ينافي صدق تعلق اليقين به لأن صدق الشيء ببعض الاعتبارات طاف في أصل الصدق ومجزومية الحكم في حقه وحق مقلديه هي المرادة بالحكم بمجزومية وجوب العمل والفتوى لا أن الفقه هو العلم بوجوب العمل بالأحكام الخمسة من حيث تعلقها بأفعال المكلفين وفي حقه لا في نفس الأمر ليضره جواز كون وجوب العمل وجوبًا بما يظن أنه حكم الله تعالى كما في نحو خبر الواحد والتحقيق أن مناط الحكم قد يكون نفس المحل كحرمة لحم الخنزير وقد يكون وصفًا خارجًا كحرمة لحم المذكاة فإذا اشتبه مع لحم الميتة وكون ظن المجتهد مناطًا لقطعية الحكم من القبيل الثاني.
ثم الطعن في الإجماع بأن أدلته سمعية فلا يفيد اليقين وفي الدليل العقلي بالنقض بصور ظن يجب العمل فيها بخلافه كشهادة واحد عدل ليس بشيء لأن الحق أن الأدلة السمعية تفيد اليقين بالقرائن العقلية كتواتر القدر المشترك وأن المظنون يجب العمل به ما دام مطنونًا وعند المعارض الأقوى لم يبقَ مظنونًا. نعم يرد على الثاني أن امتناع رجحان المرجوح في نفس الأمر فيلزم أن يثبت به القطعية في نفس الأمر.
وجوابه: إنما يلزم أن لو كان الرجحان في نفس الأمر وهو ممنوع بل عند المستدل.
فإن رد بأن ما يستنبطه المقلد أيضًا قطعي حينئذ وهو خلاف الإجماع.
يجاب بأنه: إنما يلزم لو كان الرجحان الذي عنده معتبرًا وليس كذلك بالإجماع فما رأيه حتى يكون له عند.
ثم تفسير الأمارات بالأدلة الظنية لا محذور فيه إذا لم يجعل الأحكام الثانية بالأدلة القطعية من الفقه وإن جعلت كما هو الحق فاندراجها أما بأن المراد بالظن الراجح الشامل لجواز المرجوح ولعدمه أو بأن المراد إفادة الأدلة من حيث هي، والسمعية إنما يفيد